للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧٤٢- وتركوا أيضًا ما رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صدقة الصبي: "ابتغوا في أموال اليتامى خيرًا؛ كي لا تأكلها الصدقة". ويقولون: لقد اختلف الصحابة، رضوان الله عليهم في وجوب الزكاة على الصبي اختلافًا ظاهرًا، ومع هذا لم يحاج بعضهم بعضًا بهذا الحديث، فذهب علي وابن عباس رضي الله عنهم إلى أنه لا زكاة في ماله، وذهب عبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم إلى الوجوب بما يدل عليه هذا الحديث.

وذهب ابن مسعود رضي الله عنه إلى أن الوصي يعد السنن عليه، ثم يخبره بعد البلوغ؛ إن شاء أدى، وإن شاء لم يؤد١.

٧٤٣- ولو كان هذا الحديث ثابتًا لاشتهر فيهم، وجرت المحاجة به بعد تحقق الحاجة إليه بظهور الاختلاف؛ لأنهم كانوا أولع بالنص ولو احتجوا به لاشتهر أكثر من شهرة فتوى كل منهم في هذه المسألة، ولرجع المخالف إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يخالفه، لأنهم كانوا أشد انقيادًا للحق من غيرهم "ولما لم يثبت شيء من ذلك علم أنه مزيف"٢.

٧٤٤- ويتصل بهذين المقياسين أو شبيه بهما عرض الحديث على عمل الراوي وفتواه وخاصة عمل الصحابي من حيث موافقته لما رواه أو مخالفته له، فإن بعض الرواة قد رويت عنه أحاديث وقال أو عمل بخلافها.

٧٤٥- ويقول الأحناف: إذا كان العمل أو القول المخالف للرواية قبلها فإن ذلك لا يقدح في الخبر، ويحمل على أن ذلك كان مذهبه قبل أن يسمع الحديث فلما سمع الحديث رجع إليه، وكذلك إن لم يعلم التاريخ؛ لأن الحمل على أحسن الوجهين واجب ما لم يتبين خلافه، وهو أن يكون منه قبل أن يبلغه الحديث، ثم رجع إليه.

٧٤٦- والاحتمالات الكثيرة التي تجعل الحديث غير موثوق به إنما


١ المصدر السابق حـ٣ ص٣٧٩.
٢ المصدر السابق حـ٣ ص٧٣٩.

<<  <   >  >>