للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به تبعًا لهم فيه، فكما ذكرت. وأما ما ذكرت من قول الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} ١ -فإن كثيرًا من أولئك السابقين الأولين خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله، فجندوا الأجناد، واجتمع إليهم الناس، فأظهروا بين ظهرانيهم كتاب الله وسنة نبيه، ولم يكتموهم شيئًا علموه، وكان في كل جند منهم طائفة يعلمون لله كتاب الله وسنة نبيه، ويجهدون برأيهم فيما لم يفسره لهم القرآن والسنة، وتقدمهم عليه أبو بكر وعمر وعثمان الذين اختارهم المسلمون لأنفسهم، ولم يكن أولئك الثلاثة مضيعين لأجناد المسلمين ولا غافلين عنهم، بل كانوا يكتبون في الأمر اليسير لإقامة الدين، والحذر من الاختلاف بكتاب الله وسنة نبيه ... فإذا جاء أمر عمل فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر والشام والعراق على عهد أبي بكر وعمر وعثمان ولم يزالوا عليه حتى قبضوا لم يأمروهم بغيره ... إن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا بعد الفتيا في أشياء كثيرة ثم اختلف التابعون في أشياء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سعيد بن المسيب ونظراؤه أشد الاختلاف ثم اختلف الذين كانوا من بعدهم، فحضرتهم بالمدينة وغيرها، ورأسهم يومئذ ابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن ... وكان يكون من ابن شهاب اختلاف كثير إذا لقيناه، وإذا كاتبه بعضنا٢".

٨٠٥- وكانت هذه النظرة وتلك هما الأساس في اختلاف بعض الموقف التي اتخذها كل فريق من بعض المسائل، ويهمنا الآن بيان موقف كل منهما من سنة الآحاد إذا تعارضت مع عمل أهل المدينة.

٨٠٦- ويوضح القاضي عياض موقف الإمام مالك من خبر الآحاد مع عمل أهل المدينة بأنه على ثلاثة وجوه:


١ التوبة: ١٠٠.
٢ كتاب المعرفة والتاريخ مج١ ص ٦٨٧ - ٦٩٥ "نص الرسالة كاملًا" - أعلام الموقعين جـ٣ ص٧٢ - ٧٤.

<<  <   >  >>