للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم أولى أن يؤخذ به، ولو علمه من روى عنه خلاف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خالفه١.

مناقشة دعوى الإجماع:

٨٢٩- وإذا كان هؤلاء يدعون أنهم يثبتون ما اجتمع عليه أهل المدينة، وأن الإجماع في رأيهم أن يحكم أحد الأئمة: أبو بكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم -فإن الشافعي رضي الله عنه قد رد عليهم:

أولًا: بأنهم لا يعرفون حكم واحد منهم إلا عن طريق الانفراد أو الآحاد الذي ردوا مثله، مما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم فرضًا من الله عز وجل. والحق أن ما روي عمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل محل ما روي عنه صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: وقد كان بعض الأئمة من الصحابة يحكمون في بعض المسائل بما يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها لم تبلغهم، فإذا بلغتهم ذهبوا إليها ورجعوا عن حكمهم، فعمر مثلًا مع فضل علمه وطول صحبته وكثرة مسألته وتقواه قد حكم أحكامًا بلغه في بعضها حكم لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرجع عن حكمه إلى ما بلغه عن رسول الله، ورجع الناس عن بعض أحكامه بعده، دلالة على أنه لم يبلغه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم حتى توفي رضي الله عنه، "فإنه قد يعزب عن الكثير الصحبة الشيء من العلم يحفظه الأقل علمًا وصحبة منه، فلا يمنعه ذلك من قبوله".

ثالثًا: وأنتم الذين تتركون السنة لعمل أهل المدينة بحجة أن أحد الأئمة قال بهذا الحكم أو ذاك تتركون وتخالفون مثل عمر بن الخطاب لأن ابن عمر يخالفه أو تتركونه لرأي أنفسكم، ولم يخالف عمر فيه أحد غيركم فهل نعتبركم بهذه المخالفة تخرجون عن الصواب؟!.

إنكم تخالفون عمر في أكثر من مائة قول، وتخالفون أبا بكر في القراءة في الصلاة وفي نهيه عن عقر الشجر وتخريب العامر، وعقر ذوات الأرواح


١ الأم حـ١ ص١٧٧.

<<  <   >  >>