للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا لمأكله.. وتركتم على عثمان أنه كان يخمر وجهه وهو محرم وغير ذلك كما تركتم الكثير من رواية الثقات من أهل المدينة غيرهم من الصحابة وكذلك من التابعين وتابعيهم ... فأنتم فارقتم مذهبكم الذي تدعونه١.

رابعًا: لقد كان بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحو من ثلاثين ألف رجل إن لم يزيدوا، ولعلكم لا تروون عنهم قولًا واحدًا عن سنة، وإنما تروون القول عن الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة متفرقين أو مجتمعين والأكثر التفرق، فأين الإجماع؟!.

٨٣٠- وإذا كنتم تقولون: إن المراد بالإجماع أن يكون الأكثر مجتمعين؛ كأن يكون خمسة نقر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا قولًا متفقين عليه وقال ثلاثة قولًا مخالفًا لقولهم، فالأكثر أولى بالاتباع -فإننا نقول: إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرين، وربما كان مع الثلاثة الكثيرون الذين لم يتكلمون، ومع الخمسة القلة، "والصدق فيه أبدًا ألا يقول أحد شيئًا لم يقله أحد أنه قاله.. ولو قلت: وافقوا بعضهم، قال غيرك: بل خالفوه.. وليس الصدق أن تقول وافقوا ولا خالفوا بالصمت"١.

٨٣١- ثم قال الشافعي: إن الإجماع الحقيقي ليس في المدينة وحدها، وإنما في كل بلد، وفي الفرض وخاصة من العلم؛ ذلك الذي لا يسع أحدًا جهله من الصلوات والزكاة، وتحريم الحرام.. وأما علم الخاصة في الأحكام الذي لا يضير جهله على العوام، وعلمه عند الخواص عن مثلهم فنقول فيه واحدًا من قولين: "نقول: لا نعلمهم اختلفوا فيما لا نعلم اختلفوا فيه.. ونقول فيما اختلفوا فيه: اختلفوا واجتهدوا" فنأخذ من هذا ما أشبه أقاويلهم بالكتاب والسنة، يصح أن نحدد أكثر من هذا، فنقول فيما اختلفوا فيه: ذهبنا إلى قول ثلاثة دون اثنين وأربعة دون ثلاثة، ولا نقول هذا إجماع؛ فإن الإجماع قضاء على من لم يقل ممن لا ندري ما يقول٣.


١ الأم حـ٧ ص٢٤٢ - ٢٤٣.
٢ المصدر السابق حـ٧ ص٢٤٤.
٣ الأم حـ٧ ص٢٤٤.

<<  <   >  >>