للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٣٢- وإذا كان الصحابة رضوان الله عليهم قد اختلفوا فيما ليس فيه كتاب ولا سنة، فإنهم قد اختلفوا أيضًا فيما فيه كتاب وسنة، وذلك لأن الآية من كتاب الله تعالى قد تحتمل معنيين، فيقول بعض أهل اللسان بأحدهما، ويقول بعضهم بالمعنى الآخر الذي يخالفه. والآية محتملة لقولهما معًا؛ لاتساع لسان العرب. وأما السنة فتذهب إلى بعضهم وكل من ثبتت عنده السنة قال بها -إن شاء الله. ولم يخالفها؛ لأن كثيرًا منها واضح ليس فيه تأويل، ومثل الشافعي لذلك باختلافهم في مدة القرء واختلافهم في الوضوء من مس الذكر١.

مناقشة دعوى العمل وصلته بالخبر:

٨٣٣- ويترك الشافعي، رضي الله عنه دعوى الإجماع إلى دعوى العمل، فيبين أنه ليس من اللازم أن نقبل الخبر إلا إذا تقدمه العمل كما يقول هؤلاء، فليس من عوامل تثبيت الخبر أن يتقدم به عمل من الأئمة: أبي بكر وعمر وعثمان، وقد حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أشياء لا يحفظ عن أحد من خلفائه فيها شيء. وقد "استغنى فيها بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن بعده، وذلك أن بالخلق الحاجة إلى الخبر عنه، وأن عليهم اتباعه"٢.

ومثال هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقه". ويقول الشافعي: "لا أشك أن قد ورد على جميع خلفائه؛ لأنهم كانوا القائمين بأخذ العشر من الناس، ولم يحفظ عن واحد منهم فيها شيء وله أمثال كثيرة٣.

٨٣٤- ثم بين الشافعي رضي الله عنه الطريقة المثلى والصحيحة لأخذ الأحكام، فيقول: وإنما العلم اللازم الكتاب والسنة، وعلى كل مسلم


١ المصدر السابق حـ٧ ص٢٤٥.
٢ المصدر السابق حـ٧ ص٢٤٣.
٣ الأم حـ٧ ص٢٤٣ - ٢٤٤.

<<  <   >  >>