للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٣٧- وكان على الشافعي مع هذه المناقشة التي فند فيها ما يقول به -أصحاب الإمام مالك- الذين قالوا بعمل أهل المدينة وبإجماعهم فتركوا بعض السنن من أجل ذلك ومنها ما يرويه مالك نفسه -كان عليه مع هذا أن يبين المسائل التي خالفوا فيها السنة تطبيقًا لقياسهم، وهذا ما عقد له كتابًا من الأم.

٨٣٨- وسنجتزئ بذكر بعض الأمثلة التي تدل على تطبيق الإمام الشافعي لما قاله أثناء تفنيد أصلهم هذا.

في "باب فوت الحج" روي عن مالك، عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس: "أن الفضل بن العباس كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فجاءته امرأة من خثعم فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج، أدركت أبي شيخًا كبيرًا، ولا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع"١.

وروى حديثًا آخر عن مالك، عن أيوب، عن ابن سيرين أن رجلًا جعل على نفسه ألا يبلغ أحد من ولده الحلب، فيحلب ويشرب ويسقيه إلا حج وحج معه، فبلغ رجل من ولده الذي قال الشيخ، وقد كبر الشيخ، فجاء ابنه إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر، فقال: إن أبي قد كبر، ولا يستطيع أن يحج، أفأحج عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم.

وروى حديثًا ثالثًا فقال: إن مالكًا ذكر، أو غيره، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن عباس أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي عجوز كبيرة لا تستطيع أن نركبها على البعير، وإن ربطتها خفت أن تموت، أفأحج عنها؟ قال: نعم٢.


١ الموطأ ص ٢٣٦ "طبعة الشعب".
٢ انظر هذه الأحاديث الثلاثة في الأم حـ٧ ص١٩٦.

<<  <   >  >>