٨٣٩- فقد ثبت -إذن- بهذه الأحاديث التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أجاز أن يحج إنسان عن آخر برواية مالك نفسه، لكن بعض أصحابه قالوا: ليس على هذا العمل مع أن مالكًا لم ينص على ذلك في الموطأ واكتفى بروايته للحديث الأول فيه.
٨٤٠- وهنا رد عليهم الشافعي بأنهم خالفوا ما رووا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وما رواه غيرهم. وقد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما رواه غيرهم. وقد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم بن أبي طالب وابن المسيب والحسن وابن عباس. وابن شهاب وربيعة وهم بالمدينة يفتنون بأن يحج الرجل عن الرجل، "وهذا أشبه شيء يكون مثله عندكم عملًا، فتخالفونه كله لغير قول أحد من خلق الله علمته من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجميع من عدا أهل المدينة من أهل مكة والمشرق واليمين من أهل الفقه يفتنون بأن يحج الرجل عن الرجل"١.
٨٤١- ومن الأمثلة التي ناقشهم فيها أيضًا مسألة "العمرى" وهي أن يقول الرجل لآخر: أعمرتك داري أو أرضي أو إبلي ويقول: هي لك عمري. وتنتقل للموهوب له ولورثته من بعده.
ذهب الشافعي فيها إلى أنه لو شرط فيها شرطًا يبطل الشرط وقال مخالفوه من أهل المدينة: لا يبطل الشرط فيها، فلو شرط أن ترد له بعد وفاة الذي يعطاها جاز الشرط ولا يأخذها ورثته.
وقد روى الشافعي عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه -فإنما هي للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطى"، لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.
ثم قال الشافعي: وبهذا نأخذ ويأخذ عامة أهل العلم في جميع الأمصار