للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٦٦- أضف إلى ذلك أنه لو قدم القياس على خبر الواحد للزم تقديم الأضعف على الأقوى، واللازم باطل إجماعًا، فالملزوم مثله فالخبر يجتهد فيه في أمرين: عدالة الراوي ودلالة الخبر، والقياس يجتهد فيه في ستة أمور: حكم الأصل، وتعليله في الجملة، وتعيين الوصف الذي به التعليل، ووجود ذلك الوصف في الفرع ونفي المعارض في الأصل، ونفيه في الفرع.. هذا إذا لم يكن أصل القياس خبرًا، فإن كان كذلك وجب الاجتهاد في السنة المذكورة، مع الأمرين المذكورين، وهما العدالة والدلالة، وظاهر أن ما يجتهد فيه في مواضع كثيرة احتمال الخطأ فيه أكثر والظن الحاصل به أضعف فيكون أضعف من الخبر١.

٨٦٧- وإذا كان القياس الصحيح هو الذي يوجب الوهن في رواية غير الفقهية فإن الوقوف عليه متعذر، فيجب قبول الخبر حتى لا نوقف العمل بالأحاديث تبعًا لهذه الحجة المتعذر الوقوف عليها والاتفاق عليها أيضًا، ولهذا وجدنا أن بعض العلماء، ومنهم الإمام الشافعي وابن تيمية، يقولون: إن القياس مع حديث المصراة وليس عليه وبينوا ذلك بحجج يمكن أن تكون مقبولة٢ كما يمكن أن تقبل حجج غيرهم وما هذا إلا لتعذر الوصول إلى القياس الصحيح، ونظر كل واحد منهما إلى جانب من المسألة لا ينظر إليه الآخر.

٨٦٨- والحق أن هذا الرأي وهو أن الخبر مقدم على القياس مطلقًا هو ما يمكن أن ينسب إلى أبي حنيفة وصاحبيه، فقد عملوا جميعًا بخبر أبي هريرة رضي الله عنه في الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، وإن كان مخالفًا للقياس، حتى قال أبو حنيفة رحمه الله: لولا الرواية لفلت بالقياس.

٨٦٩- ويقول صاحب الطبقات السنية: إن مما شنع به الخصوم على


١ حاشية الأزميري حـ٢ ص٢١١.
٢ القياس في الشرع الإسلامي: تقي الدين أحمد بن تيمية "٦٦١ - ٧٢٨هـ" المكتبة السلفية -الطبعة الثالثة- القاهرة ١٣٨٥هـ ص ٣٦ - ٣٧.

<<  <   >  >>