للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمر عند ذلك: "لا أعلم أحدًا فعله، ثم لم يغتسل إلا جعلته نكالًا"١، وهكذا نظروا في متن الحديث، ولم يكن هناك فاصل يفصل بينهم إلا عرضه على الصحابة الذين يطبقون ما يعلمون عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

٦١- حقيقة لقد ردت عائشة حديث "الماء من الماء" بحديث آخر، كما رأينا، ولكن عرض عمر له على الصحابة، واختلافهم، وفطنة علي إلى عرضه على نساء الرسول لأنه -في الغالب- لا يخفى على بعضهن شيء من هذا-كل هذا دليل على وجود هذا الاتجاه عند الصحابة، رضوان الله عليهم ... هذا الاتجاه نما وأصبح قويًّا عند بعض علماء القرن الثاني الهجري.. سنرى -بإذن الله- عند الأحناف مثلًا عرض الحديث على عمل الصحابة وأقوالهم، وهل اشتهر بينهم إذا كان مما تعم به البلوى؟ أو لا؟. وسنرى عند أصحاب مالك عرض الحديث على عمل أهل المدينة.

٦٢- وبعد؛ فإن هذه المقاييس المتعلقة بالرواية ونقل الحديث وبالمتن نفسه في بعض الأحايين، قد رجعت بكثير منهم إلى الصواب، فيما أخطأ أونسي فيه، بالإضافة إلى أنها قد مهدت الطريق لمن أتى بعدهم، فقد وضعت البذور للضوابط والمقاييس التي توثقت السنة بها، وتخلصت من الدخيل الذي علق بها عن قصد أو عن غير قصد. كما أنها تدل على أن السنة لم تؤخذ، حتى في عصر الصحابة قضية مسلمة، وإنما محصت، ونظر إليها وإلى رواتها بعين النقد.

ولكن، هل هذا هو كل ما قام به الصحابة، رضوان الله عليهم، لتوثيق السنة. أم كان لبعضهم جهد آخر يسهم في توثيق السنة وتحريرها؟

٦٣- الحق أنه كان هناك جهد لا يقل عن تلك الجهود السابقة ونعني به تدوين السنة في صحائف حفظتها وأعانت الذاكرة على ضبطها وصيانتها.


١ الإجابة: ص٧٨.

<<  <   >  >>