للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما رجحناه، أن في تأكيد ما ثبت ضعفه وانقطاعه أو انضمامًا إلى علامات أخرى توضح ضعف الخبر، فحديث المصراة عندهم ضعيف قبل أن يصلوا إلى النظر إليه من حيث ملاءمته للقياس أولًا، ثم تأتي مخالفته للقياس فتنضم إلى مخالفته للكتاب وللسنة المشهورة في نظرهم.. ولا محل للقياس ابتداء في ثبوت الخبر أو تضعيفه حتى ولو كان راوي الخبر غير فقيه، والقول بغير ذلك "قول مستحدث"١.

٨٧٩- وهذا ما خرج به الأستاذ أبو زهرة من دراسته لأبي حنيفة، حيث رأى أنه يقدم القياس في أخبار الآحاد التي لم يكن سندها مقبولًا عنده.

ولكننا لا نوافقه في قوله: إن أبا حنيفة يقدم القياس على أخبار الآحاد إذا كان القياس قطعيًّا٢.. ونقول كما قال أبو الحسن الكرخي، وكما تبين من هذه الدراسة، إنه لا يترك الخبر من أجل القياس قطعيًّا أو غير قطعي٣، وكما يقول ابن تيمية: "ومن ظن بأبي حنيفة أو غيره من أئمة المسلمين أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره فقد أخطأ عليهم، وتكلم إما بظن وإما بهوى، فهذا أبو حنيفة يعمل بحديث التوضؤ بالنبيذ في السفر مخالفة للقياس، وبحديث القهقهة في الصلاة مع مخالفته للقياس لاعتقاده صحتهما، وإن كان أئمة الحديث لم يصححوها"٤.

الخبر والقياس عند مالك:

٨٨٠- وإذا تركنا الأحناف وجدنا أنه روي عن مالك تقدم الخبر على القياس عند تعارضهما، ويقول الأستاذ أبو زهرة، إن الكثيرين من المالكية يقررون ذلك، وإنهم بالإجماع يذكرون أنه أحيانًا قد أخذ بالقياس ورد خبر الآحاد في تلك الحالة٥.


١ كشف الأسرار حـ٢ ص٧٠٣.
٢ مالك: ص٢٩٩.
٣ كشف الأسرار حـ٢ ص٧٠٣.
٤ صحة أصول مذهب أهل المدينة ص٢٤.
٥ مالك ص٢٩٨.

<<  <   >  >>