للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالركوع حتى يلحق بالصف، ولم يأمره بالإعادة، بل فيه دلالة على أنه رأى ركوعه منفردًا مجزئًا عنه١.

٩١٠- وهكذا نحن أمام حديثين مختلفين: أحدهما يحكم على صلاة المنفرد خلف الصف بالبطلان، والثاني يقول: صلاته صحيحة، وإن كانت مكروهة.

٩١١- والحديث الذي رواه الإمام الشافعي ثانيًا حديث ثابت كما يقول، أما الحديث الذي رواه أولًا فهناك شك في ثبوته أو هو متأرجح بين الثبوت وعدمه.. وعلى كل حال سنفترض ثبوته، فأيهما يرجح على الآخر؟

٩١٢- يرى الشافعي أن الحديث الثاني أولى أن يؤخذ به لأن معه القياس وقول العامة "ثم يوضح هذا، فيقول: "فإن قال قائل: وما القياس وقول العامة؟ ... قيل: أرأيت صلاة الرجل منفردًا أتجزئ عنه؟ فإن قال: نعم. قلت: وصلاة الإمام أمام الصف، وهو في صلاة الجماعة؟ فإن قال: نعم. قيل فهل يعدو المنفرد خلف المصلي أن يكون كالإمام المنفرد وأمامه أو يكون كرجل منفرد يصلي لنفسه منفردًا، فالشافعي هنا قاس صلاة المنفرد خلف الصف بصلاة من يصلي وحده أو مع الإمام متقدمًا عليه وهذا جائز، فكذلك الحالة التي معنا، ثم قاس هذا على حكم آخر يدل عليه الحديث، وهو صلاة المرأة منفردة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن مالك أن جدته مليكة دعت النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصلي لكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود ... فنضحته بالماء، فقام عليه رسول الله، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف، وذكر الشافعي طريقًا آخر لهذا الحديث ثم بين ما يهدف إليه وهو أن هذا شبيه بذاك، وبالقياس عليه تتبين صحة صلاة المنفرد خلف الصف فيقول:


١ اختلاف الحديث ص ٢١٨ - ٢١٩.

<<  <   >  >>