للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن هناك بعض الروايات عن الصحابة تدل نصًّا على جواز الرواية بالمعنى؛ لأنهم كانو يفعلون ذلك، فقد سئل واثلة بن الأسقع أن يحدث بعض أصحابه أو تلاميذه، بحديث ليس فيه وهم ولا مزيد ولا نسيان؟ فقال: هل قرأ أحد منكم من القرآن شيئًا؟.. قالوا: نعم، وما نحن له بحافظين جدًّا.. إنا لنزيد الواو والألف وننقص، قال: "هذا القرآن مكتوب بين أظهركم لا تألونه حفظًا، وأنتم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون، فكيف بأحاديث سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم عسى ألا نكون سمعناها منه إلا مرة واحدة؟.. حسبكم إذا حدثناكم بالحديث على المعنى"١.

٩٥٤- كما روى البيهقي بسنده عن جابر بن عبد الله قوله: "إنا قوم عرب نردد الأحاديث فنقدم ونؤخر"٢. وروى الإمام الشافعي أن بعض التابعين قال: "لقيت أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتهدوا في المعنى واختلفوا على ما في اللفظ، فقلت لبعضهم ذلك فقال: لا بأس ما لم يحيل المعنى"٣.

٩٥٥- ومن حجتهم أيضًا أن الأمة قد اتفقت على أن للعالم بمعنى خبر النبي صلى الله عليه وسلم وللسامع لقوله أن ينقل هذا المعنى بغير اللغة العربية وأن الواجب على رسله وسفرائه إلى أهل اللغات المختلفة من العجم وغيرهم أن يرووا عنه ما سمعوه وحملوه، مما أخبرهم به وتعبدهم بفعله على ألسنة رسله، لا سيما إذا كان السفير يعرف اللغتين، فإنه لا يجوز أن يكل ما يرويه إلى ترجمان، وهو يعرف الخطاب بذلك اللسان، لأنه لا يأمن الغلط وقصد التحريف على الترجمان، فيجب أن يرويه بنفسه، وإذا ثبت ذلك صح أن القصد برواية خبره وأمره ونهيه إصابة معناه، وامتثال موجبه دون إيراد نفس لفظه وصورته؛ لأنه إذا جاز الإبدال بلغة أخرى، فجوازه باللغة العربية أولى٤.


١ تدريب الراوي ٢/ ١٠٠.
٢ المصدر السابق نفسه.
٣ الرسالة ص٢٧٥. وراجع التحقيق في الهامش في بيان عدم حذف الياء في "يحيل" وأن ذلك لغة.
٤ الكفاية "م" ٢٠٣ - تدريب الراوي ٢/ ١٠٠.

<<  <   >  >>