للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرطين معًا: "ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورًا: منها أن يكون من حدث به ... عاقلًا لما يحدث به عالمًا بما يحيل معاني الحديث من اللفظ؛ وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى؛ لأنه إذا حدث على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه، لعله يحيل الحلال إلى الحرام، وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث"١.

٩٦٥- وليست كل الأحاديث عند الشافعي تجوز فيها الرواية بالمعنى، وإنما ذلك خاص بغير أحاديث الأحكام؛ لأن هذا يؤدي اختلاف اللفظ فيها إلى تغيير المعنى واختلافه في غالب الأمر، وقد سبق قوله" وكل ما لم يكن فيه حكم فاختلاف اللفظ فيه لا يحيل معناه٢.

٩٦٦- ويعتبر هذا شرطًا آخر من شروط الرواية بالمعنى عنده وقد مثل لهذا بأحاديث التشهد التي ورد كل منها بألفاظ مختلفة عما في الأخرى، فقال:

"ما في التشهد إلا تعظيم الله، وإني لأرجو أن يكون كل هذا فيه واسعًا وألا يكون الاختلاف فيه إلا من حيث ذكرت، ومثل هذا كما قلت يمكن في صلاة الخوف، فيكون إذا جاء بكمال الصلاة على أي الوجوه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أجزأه"٣.

٩٦٧- ولا يقل هذا الشرط أهمية عن الشروط السابقة؛ لأن أحاديث الأحكام تستنبط منها الأمور الفقهية، وهذا الاستنباط يعتمد في كثير من الأحيان على الألفاظ وما تدل عليه من معان ظاهرة أو خفية٤.

٩٦٨- وقد ضيق الشافعي بهذه الشروط من دائرة الأحاديث التي تجوز فيها الرواية بالمعنى؛ لأن أحاديث الأحكام بلا شك أكثر من الأحاديث الأخرى؛ ولأن الرواة الفاهمين لأسرار اللغة العربية أقل من غيرهم ولهذا


١ الرسالة ص ٣٧٠ - ٣٧١.
٢، ٣ المصدر السابق ص ١٧٤ - ٢٧٦.
٤ انظر نصب الراية حـ٤ ص٢٠٠.

<<  <   >  >>