للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمن قد رواها له على التمام لأنه كان يعلم منهم الحفظ والمعرفة بها، يقول أحد تلاميذه "علمنا سفيان الثوري اختصار الحديث١".

٩٧٧- وقال كثير من العلماء يجوز الاختصار على كل حال ولا يقتصر على أنه رواه قبل ذلك تامًّا٢.

- وهذا بطبيعة الحال مشروط بالشرط الأساسي في الرواية بالمعنى وهو ألا يؤدي ذلك أو غيره إلى إحالة معنى الحديث وتغيره يقول الخطيب البغدادي: "وإن كان النقصان من الحديث شيئًا لا يتغير به المعنى كحذف بعض الحروف والألفاظ، والراوي عالم واع محصل لما يغير المعنى وما لا يغيره من الزيادة والنقصان، فإن ذلك سائغ له على قول من أجاز الرواية على المعنى دون من لم يجز ذلك"٣ ويقول القاضي عياض مبينًا ذلك أيضًا: "وكذلك جوزوا رواية بعض الحديث إذا لم يكن مرتبطًا بشيء قبله ولا بعده ارتباطًا يخل بمعناه، وكذلك إن جمع الحديث حكمين أو أمرين كل واحد مستقل بنفسه غير مرتبط بصاحبه فله الحديث بأحدهما. وعلى هذا كافة الناس ومذهب الأئمة"٤.

٩٧٨- ومن باب أولى -في هذا الاتجاه ينبغي أن يصحح كل لحن أو خطأ لغوي يقع في الحديث. وقد نبه على ذلك من أهل القرن الثاني الأوزاعي وحماد بن سلمة وعفان وحماد بن زيد وعبد الله بن المبارك وابن معين وأحمد بن حنبل٥.

٩٧٩- وبعد -فلعلنا على ثقة بعد هذا الفصل من أن علماءنا قد عنوا بمتن الحديث في هذا الباب عناية كبيرة، ولاحظوا هل يتغير المعنى أو لا، أما عند المجيزين للرواية بالمعنى فأمرهم ظاهر واضح، وأما الآخرون فقد وضعوا من القيود كما رأينا ما يعصم من تغيير معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نغالي إذا قلنا: إن جوازهم كان في أقصر الحدود.


١ الكفاية "م" ص٢٩٣.
٢، ٣ الكفاية "م" ص ٢٨٩، ٢٩٣ على التوالي.
٤ الإلماع ص ١٨٧ "التحقيق" عن الإكمال لشرح مسلم ل٣-أ "وهو مخطوط".
٥ الكفاية "م" ص ٢٩٦ - ٢٩٨.

<<  <   >  >>