للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفسد المعنى، وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا وضوء لمن لم يسم". فإن موجبه وحقيقته نفي الجواز، ومحتمله نفي الفضيلة، والمحتمل هو المراد لدلائل دلت عليه، فلو لم يكن الناقل بالمعنى فقيهًا ربما ينقله بلفظ لا يبقى فيه هذا الاحتمال بأن يقول مثلًا: "لا يجوز وضوء من لم يسم" فيتغير الحكم ويفسد المعنى١.

٩٧٢- وإذا كان الحديث من باب المشكل أو مشتركًا يعرف المراد منه بالتأويل أو مجملًا لا يعرف المراد منه إلا ببيان أو متشابهًا أو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم -فإنه لا تجوز الرواية عندئذ "حينئذ" بالمعنى.

٩٧٣- فأما المشكل والمشترك فلا يجوز نقلهما بالمعنى لأن المراد بهما لا يعرف إلا بالتأويل، والتأويل يكون بنوع من الرأي كالقياس، فلا يكون حجة على غيره.

٩٧٤- وأما المجمل فلا يتصور فيه النقل بالمعنى؛ لأنه لا يتوقف على المعنى فيه إلا بدليل آخر والمتشابه كذلك: لأنا ابتلينا بالكف عن طلب المعنى فيه، فكيف يتصور نقله بالمعنى.

٩٧٥- وأما ما يكون من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم كقوله: "الخراج بالضمان". و "العجماء جبار" وما أشبه ذلك، فقد جوز بعض الحنفية نقله بالمعنى ولم يجوزه بعضهم الآخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصًا بهذا النظم؛ ولإحاطة الجوامع بمعان قد تقصر عنها عقول ذوي الألباب. ويقول السرخسي: إن هذا كان هو مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "ثم أداها كما سمعها" ٢.

٩٧٦- ويعني أصحاب هذا الاتجاه الذين يجوزون رواية الحديث بالمعنى أجازوا النقصان فيه إذا كان الراوي قد رواه مرة أخرى بتمامه، أو علم أن غيره قد رواه على هذا التمام، ولا يجوز له ألا يعلم ذلك ويفعله، وممن فعل ذلك الإمام سفيان الثوري، فقد كان يروي الأحاديث على الاختصار،


١ كشف الأسرار حـ٣ ص٧٧٨.
٢ أصول السرخسي حـ١ ص٣٥٧ - أصول البزدوي بشرح كشف الأسرار حـ٣ ص ٧٧٧ - ٧٧٨.

<<  <   >  >>