للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو يسألوا غيرهم عنهم، فيقفوا على حالهم، ومن هذا ما يرويه الإمام مسلم بسنده عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بعدي من أمتي -أو- سيكون بعدي من أمتي قوم يقرءون القرآن لايجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ... "، قال عبد الله بن الصامت: فلقيت رافع بن عمرو الغفاري أخا الحكم الغفاري، قلت: ما حديث سمعته من أبي ذر، كذا وكذا ... فذكرت له هذا الحديث، قال: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم"١.

٩٥- ويبين الإمام ابن سيرين السر وراء الاهتمام بالإسناد، فيقول: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة، فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم٢.

٣- الحفظ والسماع والتثبت في الآداء:

٩٦- واقتدى التابعون بالصحابة، رضوان الله عليهم في وجوب الاحتياط في حمل الحديث وفي أدائه، فوجدناهم يحرصون على سماع الأحاديث، حتى ولو كانت في بلد آخر غير الذي يعيشون فيه، يقول أحدهم: "إن كنت لأركب إلى مصر من الأمصار في الحديث الواحد لأسمعه٣"، ويقول أبو العالية: كنا نسمع الرواية بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم٤.

٩٧- ولم يجز كل واحد منهم أن يلقي الحديث قبل أن يتثبت فيه وقبل أن يتأكد من أنه لن يحرفه عن وجهه الصحيح، يقول الإمام الشعبي،


١ صحيح مسلم بشرح النووي جـ٣، ص١٢٠.
٢ المصدر السابق جـ١، ص٧١ وانظر الجرح والتعديل جـ١ ق١، ص٢٨.
٣، ٤ سنن الدرامي جـ١، ص١٤٠.

<<  <   >  >>