للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصورًا عبء الرواية: "يا ليتني انفلت من علمي كفافًا؛ لا عليّ ولالي١"، ويقول أيضًا ما يدل على محاسبته لنفسه في رواية الحديث: "كره الصالحون الأولون الإكثار من الحديث، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما حدثت إلا بما أجمع عليه أهل الحديث٢"، ومن أجل هذا حفظوه في صدورهم، فكان قتادة، مثلًا -كما يروي الرامهرمزي- إذا سمع الحديث يأخذه العويل والزويل، حتى يحفظه٣، وكانوا يستعينون على الحفظ والتثبت فيه بالمذاكرة ونبه أكثر من واحد منهم عليها٤.

وقد تركت رواية الكثيرين لأنهم غير متثبتين في روايتهم، وإن كانوا عدولًا، فعن أبي الزناد قال: أدركت بالمدينة مائة أو قريبًا من المائة ما يؤخذ عن أحد منهم، وهم ثقات، يقال: ليس من أهله٥.

٤- نقد متن الحديث:

٩٨- وكانت لهم نظرات في متن الحديث وتوثيقه بعيدًا عن السند، فكان إبراهيم النخعي -مثلًا- يترك بعض أحاديث أبي هريرة، ويبرر ذلك بفعل بعض الصحابة، وموقفهم من هذه الأحاديث، وكان يقول: "كانوا يأخذون من حديث أبي هريرة، ويدعون ... ولو كان ولد الزنا شر الثلاثة لما انتظر بأمه أن تضع٦، وهو بهذا ينكر حديث أبي هريرة: "ولد الزنا شر الثلاثة٧". وقد رده هنا، كما نرى، بالقياس، وروي هذا عن الشعبي أيضًا.

٩٩- وقد رد إبراهيم النخعي أيضًا حديث فاطمة بنت قيس، وحديث


١ تذكرة الحفاظ، جـ١، ص٨٨.
٢ المصدر السابق جـ١ ص٨٣.
٣ المحدث الفاصل: ص٤٠٢، عال يعود ويعيل أمرهم اشتد وتفاقم ... والاسم العويل القاموس "ع ول".
وزاوله زوالًا ومزاولة عالجه وحاول طلبه. القاموس مادة "زول" والمعنى هنا نشط، ولم يهدأ حتى يحفظ.
٤ المحدث الفاصل: ص٥٤٦.
٥ المحدث الفاصل، ص٤٠٧.
٦ أصول السرخسي ١- ٣٤٠ - كشف الأسرار ٢ - ٦٩٨.
٧ الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة: ص١١٨.

<<  <   >  >>