للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلوا أو كثروا، ولا يسلم كل واحد منهم من الخطأ والوهم، فكذلك جميعهم١.

١٣٧- وقد حكى الإمام الشافعي، رضي الله عنه قول هذه الطائفة التي ردت الأخبار كلها، ولم تثق فيها، فقد جاء له بعض منها، فقال: إن الله تعالى قد حكى أن في القرآن الكريم تبيانًا لكل شيء٢، فلا يجوز أن يخصص عامه، أو يقيد مطلقه أو يفسر الأمر فيه؛ مرة بالفرض، ومرة بالإباحة بالأحاديث التي ينقلها الرواة، ولا يبرأ كل واحد منهم من الغلط والنسيان والخطأ في الرواية "أفيجوز أن يفرق بين شيء من أحكام القرآن وظاهره واحد عند من سمعه بخبر من هو كما وصفتم فيه، وتقيمون أخبارهم مقام كتاب الله، وأنتم تعملون بها، وتمنعون بها٣"، كما يحكي الإمام الشافعي قول بعضهم: "ولا أقبل منها شيئًا إذا كان يمكن فيهم الوهم، ولا أقبل إلا ما أشهد به على الله، كما أشهد بكتابه الذي لا يسع أحدًا الشك في حرف منه، أيجوز أن يقوم شيء مقام الإحاطة، وليس بها٤؟! ".

وخلاصة هذه الدعوة -كما نرى من هذه النصوص- هو رفض السنن وعدم قبولها، والاكتفاء بكتاب الله عز وجل.

١٣٧- وقد وجدت بذور هذه الدعوى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحذر منها حين قال: "لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: ما أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه". وحين قال: "يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته يحدث بحديثي، فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالًا استحللناه، وما وجدنا فيه حرامًا حرمناه" ٥.


١ أصول السرخسي ص٢٨٣.
٢ الآية الكريمة تقول: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء} [النحل: ٨٩] .
٣ الأم جـ٧ ص٢٥٠.
٤ المصدر السابق جـ٧ ص٢٥٠.
٥ المستدرك جـ١ صـ١٠٨ - ١٠٩ وانظر صـ٢٤ من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>