للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٣٨- كما وجدت في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، فقد أخرج البيهقي بسنده عن شبيب بن أبي فضالة المكي أن عمران بن حصين رضي الله عنه ذكر الشفاعة، فقال له رجل من القوم: يا أبا نجيد، إنكم تحدثونا بأحاديث لم نجد لها أصلًا في القرآن، فغضب عمران، وقال للرجل: قرأت القرآن؟. قال: نعم. قال: فهل وجدت فيه صلاة العشاء أربعًا قال: لا. قال: فعمن أخذتم ذلك؟ ألستم عنا أخذتموه؟، وأخذناه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقال: أوجدتم في القرآن {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} ١، أوجدتم فيه: فطوفوا سبعًا، واركعوا ركعتين خلف المقام، أوجدتم في القرآن: "لا جلب، ولا جنب ولا شغار في الإسلام"٢؟. أما سمعتم الله تعالى في كتابه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ٣؟!.

قال عمران: فقد أخذنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء ليس لكم بها علم٤".

١٣٩- وفي عصر التابعيين وجدنا رجلًا يجابه التابعي الجليل مطرف بن عبد الله بن الشخير، ويقول له: "لا تحدثونا إلا بالقرآن٥".


١ سورة الحج: آية ٢٩.
٢ الجلب: يكون في شيئين:
أحدهما في الزكاة، وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعًا، ثم يرسل من يجلب إليه الأمور من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهى عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم.
الثاني: أن يكون في السباق، وهو أن يتبع الرجل ويصيح فرسه، فيزجره، ويجلبعليه، ويصيح حثًّا له على الجري فنهى عن ذلك والجنب: هو في السباق أن يجنب فرسًا إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب وهو في الزكاة أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم أمر بالأموال أن تجنب إليه أي تحضر فنهوا عن ذلك، وقيل: هو أن يجنب رب المال بماله، أي يبعده عن موضعه، حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في اتباعه وطلبه.
الشغار: نكاح معروف في الجاهلية كأن يقول الرجل للرجل شاغرني: أي زوجني أختك أو بنتك أو من تلي أمرها حتى أزوجك أختي أو بنتي، أو من إلي أمرها، ولا يكون بينهما مهر فهذه في مقابل تلك.
٣ سورة الحشر: آية ٧
٤ مفتاح الجنة، في الاحتجاج بالسنة: جلال الدين السيوطي "٩١١هـ" نشر المكتبة السلفية ص٦، وقد رواه الحاكم مختصرًا: المستدرك جـ١ ص١٠٩-١١٠- سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ص٢٠.
٥ سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ص٢٠.

<<  <   >  >>