للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤٠- ولكن الجديد في هذه الدعوى -في القرن الثاني- أن أصحابها، وقد وجدوا الأسس التي وضعها المحدثون، والجهود المضنية التي بذلوها في خدمة السنة وصيانتها من الخطأ والنسيان والوضع، يريدون أن يشككوا في هذه الجهود، حتى لا تقف حجر عثرة أمام أهدافهم، وكأنهم يقولون: مهما فعلتم، فالشك قائم في الأخبار، وهي غير موثقة؛ لأن ناقليها، قلوا أو كثروا - لا يوثق بنقلهم.

يقول شمس الأئمة السرخسي مبينًا حجة هؤلاء: "ومن الناس من يقول الخبر لا يكون حجة أصلًا، ولا يقع العلم به بوجه، وكيف يقع العلم به، والمخبرون هم الذين تولوا نقله؟ وإنما وقوع العلم بما ليس من صنع البشر، ويتحقق منهم الاجتماع على اختراعه -قلوا أو كثروا- فذلك لا يكون موجبًا للعلم أصلًا١".

ومن هنا ضاعفوا من جهودهم في التشكيك في السنة وفي حجيتها.

ولكن من هؤلاء؟:

١٤١- لم يفصح الإمام الشافعي عمن يرى هذا الرأي، وإن كان قد أشار إلى أن الذين تفرقوا في تثبيت الخبر من أهل الكلام وممن نسبتهم العامة إلى الفقه٢. ورجح الدكتور مصطفى السباعي، مستنيرًا برأي للشيخ الخضري في كتابه "تاريخ التشريع الإسلامي" -أن هؤلاء من المعتزلة، واستند في ذلك إلى ما يقوله ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث من أن شيوخ المعتزلة تطاولوا على السنة وعلى الصحابة، وأن الإمام الشافعي ذكر أن موطن هؤلاء المنكرين كان بالبصرة، وأكثر المتكلمين بما فيهم المعتزلة كان بالبصرة٣، كما أن أبا منصور البغدادي ذكر في كتابه "الفرق بين الفرق" أن النظام من المعتزلة


١ أصول السرخسي جـ١ ص٢٨٣.
٢ الأم جـ٧ ص٢٥٠ أول كتاب جماع العلم.
٣ تاريخ التشريع الإسلامي: الشيخ محمد الخضري، الطبعة الثامنة ١٣٨٧هـ-١٩٦٧م المكتبة التجارية الكبرى -القاهرة ص١٥٥-١٥٦- السنة ومكانتها في التشريع ص١٣٣.
- مختلف الحديث: ابن قتيبة الدينوري "٢٧٦هـ" الطبعة الأولى - مطبعة كردستان العلمية ١٣٢٦هـ ص٢٨، ٢٩.

<<  <   >  >>