وقد عز في هذا الزمان وجود صديق على هذه الصفة لأنه قل في الأصدقاء من يترك المداهنة فيخبر بالغيب أو يترك الحسد فلا يزيد على قدر الواجب، وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم ونحن الآن في الغالب أبغض الناس إلينا من يعرفنا عيوبنا. وهذا دليل على ضعف الإيمان فان الأخلاق السيئة كالعقارب ولو أن منبها نبهنا على أن تحت ثوب أحدنا عقربا لتقلدنا له منه واشتغلنا بقتلها والأخلاق الرديئة أعظم ضررا من العقرب على ما لا يخفى.
الطريقة الثالثة: أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألْسِنة أعدائه فإن عين السخط تبدي المساوئ وانتفاع الإنسان بعدو مشاجر يذكر عيوبه أكثر من انتفاعه بصديق مداهن يخفي عنه عيوبه.