وأهمل على هذا البلاء الذي اصطفاها الله له، ومع هذه الحسرات، وما يظهر في كلامها وشكواها من ضعف وعجز، إلا أنها صبرت لهذا الأمر، وقامت به فماذا كان؟ وما قيل لها؟ وكيف كانت عاقبة أمرها؟
قال تعالى:{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي} مريم:٢٤، وكم كانت بحاجة إلى أن يقال لها:{لَا تَحْزَنِي} فقد كانت حقاً حزينة، ولا شك أن البلاء يُحْزن، فكم من مريض أحزنه المرض؛ بحاجة أن يقال له:(لَا تَحْزَنْ) ، ودواؤه أن له:(لَا تَحْزَنْ) ، وكم من حزين بسبب مصيبة أو كربة، أو شدة؛ ولذلك عندما اشتد الطلب من قريش لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولأبي بكر رضي الله عنه عند الهجرة، حتى كاد أن يدركهم الطلب، فقام بعض كفار قريش على باب الغار، وأخذ أبو بكر ينظر أقدامهم وهم لا يرونه فحزن رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلسان الواثق بربه، ووعده، ونصره وتأييده:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} التوبة:٤٠، فنزلت بعدُ السكينة.