وفطرة، ولكن لا ينبغي الاستسلام للحزن، وإذكاء الهم بهم آخر بل الواجب هو القيام، فعلى المرء أن يستمدَّ من الله العون. قال تعالى:{قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً} مريم:٢٤، سرياً: أي: جدولاً جارياً. {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطَ عَلَيْكِ رُطَبَاً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُوِلِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِياً} مريم:٢٥-٢٦.
فكم كانت مريم بحاجة إلى هذا المدد؛ وأن تسمع مثل هذه الكلمات لتشد وتربط على قلبها؛ وتعلم أن الله معها، وأنه ليس بتاركها، فتنزلت عليها السكينة، وغشيتها الرحمة، وكفاها الله ما أهمها.
وذاك إبراهيم عليه السلام ولا يخفى عليك ما كان من أمره وهو الفتى الصغير الضعيف الذي لا حول له ولا قوة مع قومه، وكيف رمي في النار؟ وكيف أنجاه الله؟ ولو أَخَذْتُ أَقُصُّ عليك من القرآن في هذا الباب لصار اللبن الحليب كالقَار والقَطِرَان من هول البلاء، وعِظَمِ الداء، ولو قَلَّبْتَ صفحات القرآن فستجد في الذكر الحكيم ما يهون عليك مصيبتك، ويكون لك بلسماً وشفاءً.