للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومثله قول الشعر:

زعم العواذل أن ناقة جندب ... بجنوب خبت عريت وأجمت

كذب العواذل لو رأين مناخنا ... بالقادسية قلن لج وذلت١

فصل "كذب العواذل" فلم يعطفه ليقع جوابا لسؤال اقتضاه الحال عند شكواه من النساء العاذلات بقوله: "زعم العواذل أنه كان كيت وكيت. وهو هل كذب العواذل في ذلك أم صدقن؟ ... إلخ"٢.

٣- فصل جمل الحال٣:

ويقول السكاكي:

وإذا لخصنا الكلام في الفصل والوصل إلى هذا الحد، فبالحري أن نلحق به الكلام في الحال التي تكون جملة، لمجيئها تارة مع الواو وأخرى لا معها، فنقول وبالله التوفيق: "واو" الحال أصلها العطف -ولأن حكم الحال مع ذي الحال أبدا نظير حكم الخبر مع المخبر عنه، ... ، والخبر ليس موضعا لدخول الواو، لذا امتنعت الواو عن الحال المؤكدة، وأصلها أن تكون وصفا ثابتا نحو "هو الحق بينا" و"زيد أبوك شفيقا"، وفي التنزيل {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} ٤، وأيضا عن الحال المطلقة وأصلها أن تكون وصفا غير ثابت كاسم الفاعل واسم المفعول نحو "جاء زيد راكبا" و"سلم عليَّ قاعدا".


١ جندب: هو الشاعر، وهو ممن شهدوا واقعة القادسية في فتح بلاد الفرس، خبت: موضع، أو المتسع المطمئن من الأرض، أجمت: تركت للراحة. وهو والفعل قبله كناية عن تبطله، وإقامته دون غاية، مناخنا: مبرك إبلنا. ولج الأمر: لازمه وأبى أن ينصرف عنه، ذلت: انقادت. انظر الإيضاح هامش ٢٨٥، تحقيق د. خفاجي.
٢ المفتاح ١٤٨-١٥٠.
٣ المفتاح ١٥٣-١٥٠.
٤ يوسف: ٢.

<<  <   >  >>