للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيهِم عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ هُوَ دَلِيلُ صِحَّتِهِ شَرْعًا؛ إِذْ إِنَّ الإِجْمَاعَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ، كَمَا فِي الحَدِيثِ «إِنَّ اللهَ قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلَالَةٍ» (١)، وَعَلَيهِ فَلَا يَصِحُّ الاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الوَاقِعَةِ عَلَى جَوَازِ الابْتِدَاعِ أَصْلًا!

قَالَ الإِمَامُ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سُوِيدِ ابْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: لَا تَقُولُوا فِي عُثْمَانَ إِلَّا خَيرًا! فَوَاللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي المَصَاحِفِ إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنَّا؛ قَالَ (٢): (مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ القِرَاءَةِ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ: إِنَّ قِرَاءَتِي خَيرٌ مِنْ قِرَاءَتِكَ! وَهَذَا يَكَادُ يَكُونُ كُفْرًا)، قُلْنَا: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: (أَرَى أَنْ يُجْمَعَ النَّاسُ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ فَلَا تَكُونُ فُرْقَةٌ وَلَا اخْتِلَافٌ)، قُلْنَا: نِعْمَ مَا رَأَيتَ" (٣).

٣ - أَنَّ الَّذِي أَمَرَ بِالجَمْعِ هُوَ الخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -وَمِنْ ثُمَّ جَمْعُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -؛ وَأَمْرُهُ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا لِكَونِهِ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، كَمَا فِي الحَدِيثِ «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ» (٤)، فَهَذَا أَيضًا يُخْرِجُ هَذِهِ الوَاقِعَةَ مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ الابْتِدَاعِ أَصْلًا.

قَالَ الشَّيخُ مُلَّا عَلِي القَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: " قَولُهُ: «فَعَلَيكُم بِسُنَّتِي»: اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى


(١) حَسَنٌ. ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ (السُّنَّةُ) (٨٢) عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (١٣٣١).
(٢) أَي: عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
(٣) الإِتْقَانُ فِي عُلُومِ القُرْآنِ (١/ ٢١٠).
(٤) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٦٧٦). صَحِيحُ الجَامِعِ (٢٥٤٩).

<<  <   >  >>