قُلْتُ: وَظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ البِدْعَةَ الغَيرَ مَذْمُومَةِ مَا وَافَقَتِ الشَّرْعَ، وَهَذِهِ هِيَ المَصْلَحَةُ المُرْسَلَةُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَ عُمُومِ النُّصُوصِ مِنْ جِهَةِ الأَصْلِ وَالجِنْسِ إِذَا قَامَ الدَّاعِي لِفِعْلِهِ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ؛ فَإِنَّ فِعْلَهَ يَكُونُ مُخَالَفَةً لِلْشَّرْعِ، وَهَذَا مِنْ مَعْنَى اتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ نَصَّهُ عَلَى هَذَا المَعْنَى، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ):
" وَعَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: أَنْشَدَنِي الشَّافِعِيُّ:
قَدْ عَوِجَ النَّاسُ حَتَّى أَحْدَثُوا بِدَعًا … فِي الدِّينِ بِالرَّايِ لَمْ تُبْعَثْ بِهَا الرُّسُلُ
حَتَّى اسْتَخَفَّ بِحَقِّ اللهِ أَكْثَرُهُمْ … وَفِي الَّذِي حُمِّلُوا مِنْ حَقِّهِ شُغُلُ" (١)
(١) البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (١٤/ ١٣٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute