للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبِالنَّظَرِ فِي المِثَالِ المَطْرُوحِ يَتَّضِحُ أَنَّ الأَقْرَبَ هُوَ الثَّانِي (١)، فَيَكُونُ المَعْنَى أَنَّهُ أَوشَكَ أَنْ يَقَعَ فِي الحَرَامِ، وَذَلِكَ لِقَولِهِ فِي المِثَالِ: «يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ» فَهُوَ لِشِدَّةِ قُرْبِهِ مِنَ الحِمَى قَدْ لَا يَامَنُ تَعَدِّيَ المَاشِيَةِ عَلَى حِمَى المَلِكِ؛ فَيَقَعُ فِي المَحْظُورِ.

وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيضًا بَعْضُ أَلْفَاظِ الحَدِيثِ وَمِنْهَا: «فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيهِ مِنَ الإِثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ أَوشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢).

وَمِنْهَا «وسَأَضْرِبُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلًا: إِنَّ اللهَ حَمَى حِمىً؛ وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَا حَرَّمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْعَ حَولَ الحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُخَالِطَهُ؛ وَإِنَّهُ مَنْ يُخَالِطِ الرِّيبَةَ يُوشِكْ أَنْ يَجْسُرَ» (٣).

وَمِنْهَا «اجْعَلُوا بَينَكُمْ وَبَينَ الحَرَامِ سُتْرَةً مِنَ الحَلَالِ؛ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ» (٤).

- قَولُهُ: «فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ»: أَي اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي حَرَامٍ، وَلِعِرْضِهِ كَي لَا يَنَالُهُ أَحَدٌ بِالذَّمِّ -لِكَونِهِ حَرَامًا عِنْدَ بَعْضِهِم-.

- فِي الحَدِيثِ الإِشَارَةُ إِلَى فَضْلِ الوَرَعِ، وَهُوَ هُنَا فِي تَرْكِ الشُّبُهَاتِ، كَمَا فِي حَدِيثِ «خَيرُ دِينِكُمُ الوَرَعُ» (٥).


(١) وَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ كَونِهِ دَيدَنًا.
(٢) البُخَارِيُّ (٢٠٥١).
(٣) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٣٣٢٩). صَحِيحُ أَبِي دَاوُدَ (٣٣٢٩).
(٤) صَحِيحٌ. صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ (٥٥٦٩). الصَّحِيحَةُ (٨٩٦).
(٥) صَحِيحٌ. الحَاكِمُ (٣١٤) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَرْفُوعًا، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "عَلَى شَرْطِهِمِا". صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٣٠٨).

<<  <   >  >>