للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - اسْتِخْدَامُ الأَمْثِلَةِ لِلتَّعْلِيمِ، وَهَذَا هُوَ أُسْلُوبُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، قَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ} [العَنْكَبُوت: ٤٣].

٥ - فِيهِ دَلِيلٌ لِقَاعِدَةِ سَدِّ الذَّرَائِعِ، أَي أَنَّ كُلَّ ذَرِيعَةٍ تَوصِلُ إِلَى مُحَرَّمٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ تُسَدَّ لِئَلَّا يَقَعَ المُسْلِمُ فِي المُحَرَّمِ (١).

٦ - أَنَّ المَدَارَ فِي الصَّلَاحِ وَالفَسَادِ عَلَى القَلْبِ، إِذَا صَلَحَ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ.

٧ - فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَلَبَ البَرَاءَةِ لِلعِرْضِ مَمْدُوحٌ كَطَلَبِ البَرَاءَةِ لِلدِّينِ، وَأَمَّا مَنْ أَتَى شَيئًا مِمَّا يَظُنُّهُ النَّاسُ شُبْهَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَلَالٌ فِي نَفْسِ الأَمْرِ؛ فَلَا حَرَجَ عَلَيهِ مِنَ اللهِ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ إِذَا خَشِيَ مِنْ طَعْنِ النَّاسِ عَلَيهِ بِذَلِكَ؛ كَانَ تَرْكُهُ حِينَئِذٍ أَولَى، وَذَلِكَ كَي يَسْتَبْرِئَ لِعِرْضِهِ (٢).

٨ - فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ العَقْلَ فِي القَلْبِ؛ وَأَنَّ الَّذِي يُدْرِكُ هُوَ القَلْبُ، وَالقُرْآنُ شَاهِدٌ بِهَذَا. وَكَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُوَنَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَو آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}

[الحَجّ: ٤٦]


(١) كَمِثْلِ النَّهْي عَنْ سَبِّ آلِهَةِ المُشْرِكِينَ، قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيرِ عِلْمٍ} [الأَنْعَام: ١٠٨].
وَكَمِثْلِ تَحْرِيمِ قَلِيلِ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ، وَكَتَحْرِيمِ الخَلْوَةِ بِالأَجْنَبِيَّةِ، وَتَحْرِيمِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ العَصْرِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا؛ فَتَحْصُلُ مُشَابَهَةُ المُشْرِكِينَ فِي عِبَادَتِهِم، وَمَنْعِ الصَّائِمِ مِنَ المُبَاشَرَةِ إِذَا كَانَتْ تَتَحَرَّكُ شَهْوَتُهُ.
(٢) انْظُرْ (جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ) (١/ ٢٠٤).

<<  <   >  >>