للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَعْنَى قَولِ العُلَمَاءِ: تُقَاتَلُ الطَّائِفَةُ المُمْتَنِعَةُ: أَنَّهُ " لَو اجْتَمَعَ أُنَاسٌ فَقَالُوا: نَحْنُ نَلْتَزِمُ بِأَحْكَامِ الإِسْلَامِ لَكِنْ لَا نَلْتَزِمُ بِالأَذَانِ! بِمَعْنَى أَنَّ الأَذَانَ لَيسَ لَنَا! وَإِنَّمَا لِطَائِفَةٍ أُخْرَى مِنَ الأُمَّةِ! أَو يَقُولُونَ: نَلْتَزِمُ إِلَّا الزَّكَاةَ؛ فَلَسْنَا مُخَاطَبِينَ بِأَنْ نُعْطِيهَا الإِمَامَ! يَعْنَي: أَنَّهُم يَعْتَقِدُونَ أَنَّ شَيئًا مِنَ الشَّرِيعَةِ لَيسُوا دَاخِلِينَ فِيهِ؛ هَذَا الَّذِي يُسَمَّى (الامْتِنَاعُ)، مِثْلَمَا حَصَلَ مِن مَانِعِي الزَّكَاةِ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، وَمِثْلَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ سُقُوطَ التَّكَالِيفِ عَنْهُم؛ أَوَ أَنَّهُم غَيرُ مُخَاطَبِينَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ وَأَنَّهُم غَيرُ مُخَاطَبِينَ بِتَحْرِيمِ الزِّنَى، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ" (١).

- قَولُهُ: «حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله»: (حَتَّى) هَلْ هِيَ لِلتَّعْلِيلِ بِمَعْنَى أَنْ أُقَاتِلَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَشْهَدُوا، أَو هِيَ لِلغَايَةِ بِمَعْنَى أُقَاتِلُهُم إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا؟ وَالجَوَابُ: أَنَّهَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ، وَلَكِنَّ الثَّانِي أَظْهَرُ، يَعْنِي أُقَاتِلُهُم إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا.

-قَولُهُ: «حَتَّى يَشْهَدُوا»: جَاءَ فِي رِوَايَةِ طَارِقٍ الأَشْجَعِيِّ بِلَفْظِ «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ؛ وَحِسَابُهُ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢).

- الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ هُنَا لَيسَتَا عَلَى إِطْلَاقِهِمَا! بَلْ هِيَ المَعْهُودَةُ: أَي: صَلَاةُ الفَرِيضَةِ، وَزَكَاةُ الفَرِيضَةِ.

- المُقَاتَلَةُ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ تَكُونُ لِمَنْ امْتَنَعَ مِنْهَا وَقَاتَلَ عَلَيهَا، أَمَّا إِذَا لَمْ يُقاتِلْ؛ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا، كَمَا فِي الحَدِيثِ «مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا بِهَا؛ فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا؛ فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ» (٣).


(١) شَرْحُ الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ لصَالِح آلِ الشَّيخِ (ص: ١٧٣).
(٢) مُسْلِمٌ (٢٣).
(٣) حَسَنٌ. أَبُو دَاوُدَ (١٥٧٥) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (١٤٩٩).
"العَزْمَةُ: الحَقُّ وَالوَاجِبُ". شَرْحُ أَبِي دَاوُد لِلعَينِي (٦/ ٢٦١).

<<  <   >  >>