للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذِهِ الفِرْقَة طَائِفَتَانِ:

أ- إِحْدَاهُمَا أَصْحَابُ مُسَيلِمَةَ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَغَيرِهمْ -الَّذِينَ صَدَّقُوهُ عَلَى دَعْوَاهُ فِي النُّبُوَّةِ-، وَأَصْحَابُ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ وَمَنْ كَانَ مِنْ مُسْتَجِيبِيهِ مِنْ أَهْل اليَمَن وَغَيرهمْ، وَهَذِهِ الفِرْقَةُ بِأَسْرِهَا مُنْكِرَةٌ لِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ مُدَّعِيَةً النُّبُوَّةَ لِغَيرِهِ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى قَتَلَ اللهُ مُسَيلِمَةَ بِاليَمَامَةِ؛ وَالعَنْسِيَّ بِصَنْعَاءَ، وَانْفَضَّتْ جُمُوعُهُمْ وَهَلَكَ أَكْثَرهمْ.

ب- وَالطَّائِفَة الأُخْرَى ارْتَدُّوا عَنْ الدِّينِ، وَأَنْكَرُوا الشَّرَائِعَ، وَتَرَكُوا الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَغَيرِهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ يُسْجَدُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي بَسِيطِ الأَرْضِ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَسَاجِدٍ: مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمَسْجِدِ المَدِينَةِ وَمَسْجِدِ عَبْدِ القَيسِ فِي البَحْرَينِ فِي قَرْيَة يُقَالُ لَهَا جُوَاثَا" ....

٢ - وَالصِّنْفُ الآخَرُ هُمُ الَّذِينَ فَرَّقُوا بَينَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَأَقَرُّوا بِالصَّلَاةِ، وَأَنْكَرُوا فَرْضَ الزَّكَاةِ وَوُجُوبَ أَدَائِهَا إِلَى الإِمَامِ!

وَهَؤُلَاءِ عَلَى الحَقِيقَةِ أَهْلُ بَغْيٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُدْعَوَا بِهَذَا الِاسْم فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ خُصُوصًا لِدُخُولِهِمْ فِي غِمَارِ أَهْلِ الرِّدَّة، فَأُضِيفَ الِاسْمُ فِي الجُمْلَةِ إِلَى الرِّدَّةِ إِذْ كَانَتْ أَعْظَمَ الأَمْرَينِ وَأَهَمَّهُمَا.

وَأُرِّخَ قِتَالُ أَهْلِ البَغْي فِي زَمَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ فِي زَمَانِهِ لَمْ يَخْتَلِطُوا بِأَهْلِ الشِّرْكِ، وَقَدْ كَانَ فِي ضِمْنِ هَؤُلَاءِ المَانِعِينَ لِلزَّكَاةِ مَنْ كَانَ يَسْمَحُ بِالزَّكَاةِ وَلَا يَمْنَعُهَا؛ إِلَّا أَنَّ رُؤَسَاءَهُمْ صَدُّوهُمْ عَنْ ذَلِكَ الرَّاي وَقَبَضُوا عَلَى أَيدِيهمْ فِي ذَلِكَ، كَبَنِي يَرْبُوع؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ جَمَعُوا صَدَقَاتِهمْ وَأَرَادُوا أَنْ يَبْعَثُوا بِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ فَمَنَعَهُمْ مَالِك بْن نُوَيرَةَ مِنْ ذَلِكَ وَفَرَّقَهَا

<<  <   >  >>