للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ صِفَاتِ الدَّاعِي -الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الإِجَابَةِ- مَعَ اسْتِبْعَادِ الإِجَابَةِ؛ هُوَ بَيَانُ أَثَرِ المَطْعَمِ الحَرَامِ فِي مَنْعِ الإِجَابَةِ رُغْمَ كَثْرَةِ أَسْبَابِهَا.

- قَولُهُ: «فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟!»: اسْتِبْعَادٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَجَابَ دُعَاءُ مَنْ هَذَا حَالُهُ، وَلَكِنَّ هَذَا لَيسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِي عَدَمِ الوُقُوعِ؛ فَقَدْ يُسْتَجَابُ لَهُ لِعَارِضٍ آخَرَ، كَإِلْحَاحِهِ فِي الدُّعَاءِ، أَو إِخْلَاصِهِ عِنْدَ الاضْطِرَارِ، كَقَولِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العَنْكَبُوت: ٦٥] وَهُمْ أَصْلًا مُشْرِكُونَ!

وَهَذِهِ الإِجَابَةُ لِلمُشْرِكِينَ تَظْهَرُ فِيهَا رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى العَامَّةُ بِعِبَادِهِ حَيثُ جَعَلَ لَهُم الإِجَابَةَ عِنْدَ الإِخْلَاصِ -فِي الشَّدَائِدِ- لِيَقْطَعَ عُرَى الشِّرْكِ مِنْ قُلُوبِهِم، وَتَقُومَ الحُجَّةُ عَلَيهِم فِي عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ -رُغْمَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ مَوَانِعِ الاسْتِجَابَةِ-، فَسُبْحَانَ اللهِ مَا أَرْحَمَهُ بِعِبَادِهِ.

اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ، وَأدْخِلْنَا بِفَضْلِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.

- فِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ مِنَ المَالِ المُحَرَّمِ كَسْبًا -كَالمَالِ المَسْرُوقِ-، أَوِ المُحَرَّمِ لِعَينِهِ -كَالخَمْرِ وَالمَيتَةِ- لَا يَقْبَلُهُ اللهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَيسَ بِطَيِّبٍ، بَلْ هُوَ خَبِيثٌ.

- فِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ شُكْرَ النِّعْمَةِ يَكُونُ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ، لِقَولِهِ تَعَالَى لِلرُّسُلِ: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وَقَالَ لِلمُؤْمِنِينَ: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّه} فَجَعَلَ اللهُ تَعَالَى العَمَلَ الَّذِي فِي الآيَةِ الأُولَى شُكْرًا فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سَبَأ: ١٣].

<<  <   >  >>