للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: " مَعْنَى الحَدِيثِ: إِذَا أَرَادَ [المَرْءُ] أَنْ يَتَكَلَّمَ فَلْيُفَكِّرْ؛ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيهِ تَكَلَّمَ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ فِيهِ ضَرَرًا وَشَكَّ فِيهِ أَمْسَكَ" (١).

- العِلَّةُ فِي أَنَّ تَرْكَ مَا لَا يَعْنِي هُوَ مِنْ حُسْنِ الإِسْلَامِ: أَنَّ التَّوَسُّعَ فِي العَلَاقَاتِ، أَو فِي الأَقْوَالِ، أَو فِي المَسْمُوعَاتِ -الَّتِي لَيسَ لِلعَبْدِ حَاجَةٌ بِهَا-؛ هِيَ ذَرِيعَةٌ لِارْتِكَابِ مُحَرَّمٍ، أَوِ التَّفْرِيطِ فِي وَاجِبٍ؛ فَبِذَلِكَ تَفُوتُهُ رُتْبَةُ المُقْتَصِدِينَ الَّتِي فِي قَولِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَورَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ} [فَاطِر:٣٢].

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ -عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المُؤْمِنُون: ٣]-: " أَي عَنِ البَاطِلِ، وَهُوَ يَشْمَلُ: الشِّرْكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُم، وَالمَعَاصِيَ كَمَا قَالَهُ آخَرُونَ، وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفُرْقَان: ٧٢] " (٢).

وَيُشْبِهُهُ حَدِيثُ مُعَاذٍ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ؛ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟! قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم -أَو قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِم- إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم؟!» (٣).


(١) شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَوَوِيِّ (٢/ ١٩).
(٢) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (٥/ ٤٦٢).
(٣) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٦١٦) عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (١١٢٢).
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: "تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ فَقَالَ -يَعْنِي رَجُلًا-: أَبْشِرْ بِالجَنَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «أَوَلَا تَدْرِي، فَلَعَلَّهُ تَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، أَو بَخِلَ بِمَا لَا يَنْقُصُهُ» ". صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٣١٦). تَحْقِيقُ الشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ لِكِتَابِ (رَفْعُ الأَسْتَارِ) لِلصَّنْعَانِيِّ (ص: ٧٢).

<<  <   >  >>