للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا حُكْمُ مَنْ خَالَطَتْ نِيَّتَهُ نِيَّةٌ غَيرُ الرِّيَاءِ؟

كَمَنْ جَاهَدَ مِنْ أَجْلِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) وَأَضَافَ لِذَلِكَ المَغْنَمَ!

وَكَمَنْ حَجَّ لِأَدَاءِ مَا أَوجَبَ اللهُ عَلَيهِ مِنْ فَرِيضَةٍ؛ وَأَضَافَ لِذَلِكَ تِجَارَةً دُنْيَوِيَّةً!

وَكَمَنْ وَصَلَ الرَّحِمَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ؛ وَتَوسِيعًا فِي رِزْقِهِ؛ وَإِطَالَةً لِعُمُرِهِ!

الجَوَابُ: إِنَّ هَذَا جَائِزٌ؛ وَلَا يَبْطُلُ عَمَلُهُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى رَغَّبَ المُؤْمِنِينَ فِي تَقْوَاهُ بِذِكْرِ مَنَافِعَ لَهُم فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطَّلَاق: ٢]. وَكَمَا فِي الحَجِّ: {لَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البَقَرَة: ١٩٨].

وَكَمَا فِي الصَّحِيحَينِ (١) مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَه فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».

إِلَّا أَنَّ أَجْرَهُ يَنْقُصُ بِحَسْبِ ذَلِكَ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ

ابْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُصِيبُونَ الغَنِيمَةَ؛ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَي أَجْرِهِمْ مِنَ الأُجْرَةِ، وَيَبْقى لَهُمُ الثُّلْثُ، فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمُ» (٢).

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: "التَّاجِرُ وَالمُسْتَاجَرُ أَجْرُهُم عَلَى قَدْرِ مَا يَخْلُصُ مِنْ نيَّتِهِم فِي غَزَاتِهِم؛ وَلَا يَكُونُ مِثْلَ مَنْ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا يَخْلِطُ بِهِ غَيرَهُ" (٣).


(١) البُخَارِيُّ (٥٩٨٥)، وَمُسْلِمٌ (٢٥٥٧).
(٢) مُسْلِمٌ (١٩٠٦).
(٣) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (١/ ٨٢).

<<  <   >  >>