للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- تَنْبِيهٌ:

الَّذِي يُقِيمُ الحُدُودَ هُوَ الإِمَامُ أَو نَائِبُهُ.

قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ (مَنَارُ السَّبِيلِ) (١): " وَلَا يُقِيمُهُ إِلَّا الإِمَامُ أَو نَائِبُهُ، سَوَاءً كَانَ الحَدُّ للهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَا، أَو لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ القَذْفِ، لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الاجْتِهَادِ، وَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الحَيفُ؛ فَوَجَبَ تَفْوُيضُهُ إِلَيهِ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقِيمُ الحُدُودَ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذَا خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَنَائِبُهُ كَهُوَ" (٢).

قَالَ الشَّوكَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ-عَنِ الفُقَهَاءِ الَّذِينَ يُنْتَهَى إِلَى أَقْوَالِهِم مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ-: " أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ يُقِيمُ شَيئًا مِنَ الحُدُودِ دُونَ السُّلْطَانِ، إِلَّا أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقِيمَ حَدَّ الزِّنَا عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ" (٣).

"وَسُئِلَ شَيخُ الإِسْلَام ابْنُ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ بِزَوجٍ كَامِلٍ، وَلَهَا أَولَادٌ؛ فَتَعَلَّقَتْ بِشَخْصٍ مِنَ الأَطْرَافِ أَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى الفُجُورِ! فَلَمَّا ظَهَرَ أَمْرُهَا سَعَتْ فِي مُفَارَقَةِ الزَّوجِ؛ فَهَلْ بَقِيَ لَهَا حَقٌّ عَلَى أَولَادِهَا بَعْدَ هَذَا الفِعْلِ؟ وَهَلْ عَلَيهِمْ إثْمٌ فِي قَطْعِهَا؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْهَا قَتْلُهَا سِرًّا؟ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيرُهُ يَاثَمُ؟

فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللهُ:

الحَمْدُ لِلَّهِ. الوَاجِبُ عَلَى أَولَادِهَا وَعَصَبَتِهَا أَنْ يَمْنَعُوهَا مِنَ المُحَرَّمَاتِ، فَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ إِلَّا بِالحَبْسِ حَبَسُوهَا، وَإِنِ احْتَاجَتْ إلَى القَيدِ قَيَّدُوهَا، وَمَا يَنْبَغِي لِلْوَلَدِ أَنْ يَضْرِبَ أُمَّهُ! وَأَمَّا بِرُّهَا؛ فَلَيسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهَا بِرَّهَا، وَلَا يَجُوزَ لَهُمْ مُقَاطَعَتُهَا


(١) لِلشَّيخِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ ضُوَيَّان؛ مِنْ عُلَمَاءِ الحَنَابِلَةِ النَّجْدِيِّينَ، (ت ١٣٥٣ هـ).
(٢) مَنَارُ السَّبِيلِ (٢/ ٣٦١).
(٣) نَيلُ الأَوطَارِ (٧/ ١٤٧).

<<  <   >  >>