للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُرِيدٍ لِلْخَيرِ لَنْ يُصِيبَهُ؟! " (١).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: " أَي: كَمَا بَيَّنَ اللهُ الصِّيَامَ وَأَحْكَامَهُ وَشَرَائِعَهُ وَتَفَاصِيلَهُ؛ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ سَائِرَ الأَحْكَامِ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ {لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أَي: يَعْرِفُونَ كَيفَ يَهْتَدُونَ، وكَيفَ يُطِيعُونَ" (٢).

- قَولُهُ: «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا»: أَي: إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا بِحَسَنَةٍ؛ فَإِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السِّيِّئَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هُود: ١١٤].

وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ " أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هُود: ١١٤]، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَلِي هَذَا؟ قَالَ: «لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٣).

- تَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ عَلَى مَرْتَبَتَينِ:

١ - العُلْيَا؛ وَهِيَ أَنْ يَقْصِدَ بِالحَسَنَةِ إِذْهَابَ السَّيِّئَةِ؛ فَعِنْدَهَا يَتَبَرَّأُ بِقَلْبِهِ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ.

٢ - أَنْ يَعْمَلَ بِالخَيرِ مُطْلَقًا؛ وَالحَسَنَاتُ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ.

- قَولُهُ: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنِ»: هَذَا مِنْ خِصَالِ التَّقْوَى، وَأَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِلحَاجَةِ إِلَى بَيَانِهِ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ التَّقْوَى هِيَ القِيَامُ بِحَقِّ اللهِ تَعَالَى


(١) صَحِيحٌ. الدَّارِمِيُّ (٢١٠) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوقُوفًا. الصَّحِيحَةُ (٢٠٠٥).
(٢) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (١/ ٥٢٠)
(٣) البُخَارِيُّ (٥٢٦)، وَمُسْلِمٌ (٢٧٦٣).

<<  <   >  >>