للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِدَومَةِ الجَنْدَلِ وَقَدِمَتِ المَدِينَةَ تَسْأَلُ عَنْ تَوبَتِهَا؛ فَوَجَدَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَدْ تُوُفِّيَ، فَقَالَ لَهَا أَصْحَابُهُ: " لَو كَانَ أَبَوَاكِ حَيَّينِ أَو أَحَدُهُمَا كَانَا يَكْفِيَانِكِ". خَرَّجَهُ الحَاكِمُ، وَقَالَ: فِيهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ حِدْثَانَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ بِرَّ الوَالِدَينِ يَكْفِيَانِهَا" (١).

وَتَأَمَّلْ حَدِيثَ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ وَالعُزَّى! فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ! فَلْيَتَصَدَّقْ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٢).

وَفِي الحَدِيثِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوصِنِي؟ قَالَ: «إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَمِنَ الحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ قَالَ: «هِيَ أَفْضَلُ الحَسَنَاتِ» (٣).

- ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ مُكَفِّرَةٌ لِلصَّغَائِرِ بِشَرْطِ اجْتِنَابِ الكَبَائِرِ، لِقَولِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَونَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النِّسَاء: ٣١]، وَلِحَدِيثِ «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ؛ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَينَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ» (٤) وَمَفْهُومُ هَذَا أَيضًا أَنَّ الكَبَائِرَ لَا تُكَفَّرُ إِلَّا بِتَوبَةٍ خَاصَّةٍ.

وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ تَكْفِيرِ بَعْضِ الأَعْمَالِ لِلكَبَائِرِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَضَمُّنِ تَوبَةٍ


(١) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (١/ ٤٣٦).
وَالأَثَرُ رَوَاهُ الحَاكِمُ بِرَقَم (٧٢٦٢)، وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيرِ (١/ ٣٦١): "هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ إِلَى عَائِشَةَ".
(٢) البُخَارِيُّ (٦٦٥٠)، وَمُسْلِمٌ (١٦٤٧).
(٣) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢١٤٨٧). الصَّحِيحَةُ (١٣٧٣).
(٤) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢٣٣) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.

<<  <   >  >>