للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

-المَانِعِ مِنَ الشِّرْكِ الأَكْبَرِ وَالأَصْغَرِ-؛ فَهَذَا غَيرُ مُصِرٍّ عَلَى ذَنْبٍ أَصْلًا؛ فَيُغْفَرُ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَى النَّارِ" (١).

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ -عِنْدَ شَرْحِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابَةِ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ- وَفِيهِ «فَجَزَاؤُهَا بِمِثْلِهَا أَو أَغْفِر»: " وَفِيهِ رَدٌّ لِقَولِ مَنِ ادَّعَى أَنَّ الكَبَائِرَ لَا تُغْفَرُ إِلَّا بِالتَّوبَةِ! " (٢).

وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُم عَلَى تَكْفِيرِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِلكَبَائِرِ أَيضًا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ فِي الصَّحِيحَينِ مَرْفُوعًا «أَرَأَيتُمْ لَو أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَومٍ خَمْسًا؛ مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟» قَالُوا: لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيئًا. قَالَ: «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ؛ يَمْحُو اللهُ بِهَا الخَطَايَا» (٣).

وَرَدَّ عَلَى هَذَا الاسْتِدْلَالِ الأَوَّلُونَ: " يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ أَنَّ المُرَادَ الصَّغَائِرُ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ شَبَّهَ الخَطَايَا بِالدَّرَنِ، وَالدَّرَنُ صَغِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ مِنَ القُرُوحِ وَالجِرَاحَاتِ" (٤).

وَرَدَّ الآخَرُونَ عَلَى هَذَا الاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ الغَسْلَ يَذْهَبُ فِيهِ الوَسَخُ الكَبِيرُ الوَاضِحُ قَبْلَ الصَّغِيرِ، وَلُغَةُ الحَدِيثِ تَشْهَدُ بِذَلِكَ فِي قَولِهِ: «مِنْ دَرَنِهِ» و -دَرَنُهُ- هُنَا تُفِيدُ العُمُومَ؛ لِأَنَّ المُفرَدَ المُضافَ يَعُمُّ، وَأَيضًا قَولُهُ: «لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيئًا» فَـ -شَيئًا- نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْي فَتُفِيدُ العُمُومَ.


(١) فَتْحُ المَجِيدِ (ص: ٤٧).
(٢) فَتْحُ البَارِي (١١/ ٣٢٨).
(٣) البُخَارِيُّ (٥٢٨)، وَمُسْلِمٌ (٦٦٧).
(٤) انْظُر (فَتْحُ البَارِي) لِابْنِ حَجَرٍ (٢/ ١٢).

<<  <   >  >>