للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّاضِي بِقَدَرِ اللهِ؛ المُحْسِنِ الظَّنَّ بِهِ وَبِحِكْمَتِهِ فِي أَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَيسَ صَبْرَ العَاجِزِ الَّذِي لَمْ يَسْتَطِعْ إِلَّا العَجْزَ؛ حَيثُ يَجْعَلُ عَجْزَهُ صَبْرًا! وَالفَرْقُ بَينَ قَلْبَيهِمَا كَالفَرْقِ بَينَ الحَيِّ وَالمَيِّتِ، وَسُبْحَانَ اللهِ العَلِيمِ بِذَاتِ الصُّدُورِ.

- مِمَّا يُعِينُ عَلَى الصَّبْرِ عِنْدَ المُصِيبَةِ أَمْرَانِ:

١ - مُلَاحَظَةُ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى فِي ابْتِلَائِهِ؛ وَأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا سُبْحَانَهُ تَدُورُ بَينَ العَدْلِ وَالفَضْلِ.

٢ - مُلَاحَظَةُ ثَوَابِ الرِّضَى بِالقَدَرِ، وَمَا أَعَدَّهُ اللهُ تَعَالَى لِلصَّابِرِينَ (١).

- مَرَاتِبُ النَّاسِ عِنْدَ المُصِيبَةِ:

١ - مَرْتَبَةُ السَّخَطِ عَلَى قَدَرِ اللهِ تَعَالَى: وَيَكُونُ بِالقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالجَوَارِحِ.

كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «لَيسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» (٢).

٢ - مَرْتَبَةُ الصَّبْرِ: وَهُوَ الرِّضَى بِمَا قَدَّرَ اللهُ عِنْدَهُ مِنَ البَلَاءِ؛ وَأنَّهُ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللهُ (٣).

وَهَذَا الابْتِلَاءُ قَدْ يَتَمَنَّى العَبْدُ زَوَالَهُ وَلَكِنَّهُ لَا يُخِلُّ بِصَبْرِهِ! كَمِثْلِ مَنْ ابْتُلِيَ بِمَرَضٍ؛ فَيَعْلَمُ أنَّهُ لِحِكْمَةٍ مِنْ رَبِّهِ؛ فَهُوَ رَاضٍ بِفِعْلِ رَبِّهِ وَتَقْدِيرِهِ؛ وَإِنْ كَانَ مُتَمَنِّيًا


(١) قُلْتُ: وَمِنْ ثَوَابِ الصَّابِرِينَ هِدَايَةُ القَلْبِ وَثَبَاتُهُ، وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ} [التَّغَابُن: ١١].
(٢) البُخَارِيُّ (١٢٩٤)، وَمُسْلِمٌ (١٠٣).
(٣) وَهَذِهِ المَرْتَبَةُ تُسَمَّى أَحْيَانًا بِمَرْتَبَةِ الرِّضَا وَلَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِفِعْلِ اللهِ تَعَالَى؛ وَالَّذِي هُوَ المُقَارِنُ لِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَفَضْلِهِ، أَمَّا المَرْتَبَةُ التَّالِيَةُ فَهِي الرِّضَا بِالمَقْدُورِ -وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الخَيرُ وَالشَّرُّ-، وَهِيَ أَعْلَى مِنَ السَّابِقَةِ.

<<  <   >  >>