وَقَدْ يَكُونُ أُرِيدَ بِالبِرِّ فِعْلُ الوَاجِبَاتِ، وَبِالتَّقْوَى: اجْتِنَابُ المُحَرَّمَاتِ،
وَقَولُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ} [المَائِدَةِ:٢] قَدْ يُرَادُ بِالإِثْمِ: المَعَاصِي، وَبِالعُدْوَانِ: ظُلْمُ الخَلْقِ، وَقَدْ يُرَادُ بِالإِثْمِ: مَا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي نَفْسِهِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الخَمْرِ، وَبِالعُدْوَانِ: تَجَاوُزُ مَا أُذِنَ فِيهِ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ
مِمَّا جِنْسُهُ مَأْذُونٌ فِيهِ، كَقَتْلِ مَا أُبِيحَ قَتْلُهُ لِقِصَاصٍ وَمَنْ لَا يُبَاحُ، وَأَخْذِ زِيَادَةٍ
عَلَى الوَاجِبِ مِنَ النَّاسِ فِي الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا، وَمُجَاوَزَةِ الجَلْدِ فِي الَّذِي أُمِرَ بِهِ
فِي الحُدُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ" (١).
- أَنْوَاعُ البِرِّ:
١ - بِرٌّ بَينَ العَبْدِ وَرَبِّهِ: وَهُوَ الإِيمَانُ، قَالَ تَعَالَى: {لَيسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ} [البَقَرَة: ١٧٧].
٢ - بِرٌّ بَينَ العَبْدِ وَبَينَ النَّاسِ: وَهُوَ أَنْ تُخَالِقَهُم بِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ، كَبَذْلِ النَّدَى (المَعْرُوفِ)، وَكَفِّ الأَذَى، وَكَظْمِ الغَيظِ، وَأَنْ تُحْسِنَ إِلَى الخَلْقِ، وَأَنْ تَجْزِيَ بِالسَّيِّئَةِ الحَسَنَةَ، وَأَنْ تَعْفُوَ عَنِ المُسِيءِ.
(١) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٩٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute