للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أَنَّ الطَّاعَةَ تَكُونُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالحُكْمِ وَرِعَايَةِ النَّاسِ، وَلَيسَتْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشُؤُونِ النَّاسِ الدَّاخِلِيَّةِ.

قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ: " فَلَو قَالَ لَكَ الأَمِيرُ مَثَلًا: لَا تَاكُلِ اليَومَ إِلَّا وَجْبَتَينِ، أَو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لَمْ يَجِبْ عَلَيكَ أَنْ تُوَافِقَ، إِلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيكَ أَنْ تُنَابِذَ -بِمَعْنَى أَنْ تَعْصِيَهُ جِهَارًا-؛ لِأَنَّ هَذَا يُفْسِدُ النَّاسَ عَلَيهِ" (١).

قُلْتُ: وَمِثْلُهُ إِمَارَةُ السَّفَرِ تَكُونُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ السَّفَرِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَتَأَمَّلْ كَيفَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُسَعِّرْ عَلَى النَّاسِ لِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ فِي حُقُوقِهِم،

كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ المُسَعِّرُ، القَابِضُ، البَاسِطُ، الرَّزَّاقُ،

وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» (٢).

فَالحَدِيثُ " فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّسْعِيرَ تَصَرُّفٌ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيرِ إِذْنِ أَهْلِهَا، فَيَكُونُ ظُلْمًا، فَلَيسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسَعِّرَ، لَكِنْ يَامُرُهُمْ بِالإِنْصَافِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى الخَلْقِ وَالنَّصِيحَةِ" (٣).

- النَّوَاجِذُ: هِيَ الأَضْرَاسُ، وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ التَّمَسُّكِ.

- قَولُهُ: «مُحْدَثَاتِ الأُمُورِ»: هِيَ الَّتِي أُحْدِثَتْ عَلَى غَيرِ أَصْلٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ (٤).

- الوَصِيَّةُ فِي الحَدِيثِ لَهَا جَانِبَانِ، الأَوَّلُ: هُوَ التَّقْوَى، وَهَذِهِ بَينَ العَبْدِ


(١) شَرْحُ الأَرْبَعِينَ لِابْنِ عُثَيمِينَ (ص: ٢٧٩).
(٢) صَحِيحُ وَضَعِيفُ التِّرْمِذِيِّ (١٣١٤).
(٣) انْظُرْ حَاشِيَةَ السِّنْدِيِّ عَلَى سُنَنِ ابْنِ مَاجَه (٢/ ٢٠).
(٤) وَلْيُرَاجَعْ لُزُومًا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مُلْحَقِ الحَدِيثِ الخَامِسِ حَولَ تَقْسِيمِ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ لِلْمُحْدَثَاتِ إِلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ.

<<  <   >  >>