للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: «لَا يُجْلَدُ فَوقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ» (١).

- قَولُهُ: «سَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ»: أَي: لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَهَا.

- قَولُهُ: «غَيرَ نِسْيَانٍ»: أَي: أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَتْرُكْهَا نَاسِيًا {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مَرْيَم: ٦٤]، وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْهُ تَعَالَى بِالخَلْقِ حَتَّى لَا يُضَيِّقَ عَلَيهِم.

- قَولُهُ: «فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا»: أَي: لَا تَسْأَلُوا، مَاخُوذٌ مِنْ بَحْثِ الطَّائِرِ فِي الأَرْضِ، أَي: لَا تُنَقِّبُوا عَنْهَا، بَلْ دَعُوهَا.

- البَحْثُ عَمَّا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ خَاصٌّ أَو عَامٌّ -وَهُوَ المَسْكُوتُ عَنْهُ-هُوَ عَلَى قِسْمَينِ:

١ - أَنْ يَبْحَثَ عَنْ دُخُولِهِ فِي دِلَالَاتِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ مِنَ الفَحْوَى -أَي: المَعْنَى-، وَالمَفْهُومِ -مُوَافَقَةً أَو مُخَالَفَةً-، وَالقِيَاسِ الظَّاهِرِ الصَّحِيحِ؛ فَهَذَا حَقٌّ، وَهُوَ مِمَّا يِتَعيَّنُ فَعْلُهُ عَلَى المُجْتَهِدِينَ فِي مَعْرِفَةِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

٢ - البَحْثُ وَالتَّدْقِيقُ فِي الوُجُوهِ المُسْتَبْعَدَةِ، وَالنَّظَرُ فِي الفُرُوقِ الَّتِي لَا تَاثِيرَ لَهَا عَلَى الشَّرْعِ؛ فَهُوَ المَذْمُومُ، كَمَا فِي الحَدِيثِ «مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ؛ فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ؛ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا! {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مَرْيَم: ٦٤]» (٢).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّعَمُّقِ وَالبَحْثِ عَنْهُ: أُمُورُ الغَيبِ الخَبَرِيَّةِ الَّتِي أُمِرَ بِالإِيمَانِ بِهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيفِيَّتَهَا، وَبَعْضُهَا قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ شَاهِدٌ فِي هَذَا العَالَمِ المَحْسُوسِ؛ فَالبَحْثُ عَنْ كَيفِيَّةِ


(١) البُخَارِيُّ (٦٨٥٠)، وَمُسْلِمٌ (١٧٠٨).
(٢) صَحِيحٌ. الدَّارَقُطْنِيُّ (٢٠٦٦) عَنْ أَبِي الدّرْدَاء مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٢٢٥٦).

<<  <   >  >>