للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي البُخَارِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوقَهُمْ، فَقَالُوا: لَو أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوقَنَا! فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيدِيهِمْ نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا» (١).

وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ} [الأَنْفَال: ٢٥].

قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " بَلْ تُصِيبُ فَاعِلَ الظُّلْمِ وَغَيرِهِ، وَذَلِكَ إِذَا ظَهَرَ الظُّلْمُ فَلَمْ يُغَيَّرْ؛ فَإِنَّ عُقُوبَتَهُ تَعُمُّ الفَاعِلَ وَغَيرَهُ، وَالتَّقْوَى مِنْ هَذِهِ الفِتْنَةِ تَكُونُ بِالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ، وَقَمْعِ أَهْلِ الشَّرِّ وَالفَسَادِ؛ وَأَنْ لَا يُمَكَّنُوا مِنَ المَعَاصِي وَالظُّلْمِ مَهْمَا أَمْكَنَ" (٢).

- المُنْكَرُ: اسْمٌ لِمَا عُرِفَ فِي الشَّرِيعَةِ قُبْحُهُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ.

- قَالَ العُلَمَاءُ: ظَاهِرُ الحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ حَتَّى يُرَى بِالعَينَ، وَيُنَزَّلُ السَّمْعُ المُحَقَّقُ مَنْزِلَةَ الرَّاي بِالعَينِ، فَإِذَا عَلِمَ بِمُنْكَرٍ -أَي: لَيسَ مُشَاهَدَةً-؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الإِنْكَارِ؛ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي النَّصِيحَةِ.

- قَولُهُ: «فَلْيُغَيِّرْهُ»: تَتَضَمَّنُ مَعَانِيَ؛ مِنْهَا الإِزَالَةُ بِاليَدِ، كَكَسْرِ آلَةِ اللَّهْوِ وَآنِيَةِ الخَمْرِ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ بِاللِّسَانِ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ بِالقَلْبِ.

- إِنَّ مَا يُتْلَفُ مِن آلَاتِ اللَّهْوِ المُحَرَّمَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيهَا.


(١) البُخَارِيُّ (٢٤٩٣).
(٢) تَفْسِيرُ السَّعْدِيِّ (ص: ٣١٨).

<<  <   >  >>