للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- الحَسَدُ: البُغْضُ وَالكَرَاهَةُ لِمَا يَرَاهُ الحَاسِدُ مِنْ حُسْنِ حَالِ المَحْسُودِ (١).

وَيُطْلَقُ عَلَى مَعْنَيين:

١ - كَرَاهَةٍ لِلنِّعْمَةِ عَلَى أَخِيهِ مُطْلَقًا؛ فَهُوَ مُتَمَنٍّ لِزَوَالِهَا، وَهَذَا هُوَ المَذْمُومُ.

٢ - كَرَاهَةِ أَنْ يَفْضُلَهُ أَحَدٌ فِي أَمْرٍ مَا؛ فَيُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ أَو أَفْضَلَ مِنْهُ، وَهَذَا النَّوعُ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى الغِبْطَةَ، " وَسَمَّاهُ حَسَدًا مِنْ بَابِ الاسْتِعَارَةِ" (٢).

وَهُوَ جَائِزٌ، وَيَكُونُ مَمْدُوحًا فِي الحَالِ الَّتِي يُتَنَافَسُ فِيهَا عَلَى الخَيرِ.

قَالَ شيخُ الإِسْلَام رَحِمَهُ اللهُ عَنْ هَذَا النَّوعِ الثَّانِي: " وَلِهَذَا يُبْتَلَى غَالِبُ النَّاسِ بِهَذَا القِسْمِ الثَّانِي، وَقَدْ تُسَمَّى المُنَافَسَةَ، فَيَتَنَافَسُ الِاثْنَانِ فِي الأَمْرِ المَحْبُوبِ المَطْلُوبِ؛ كِلَاهُمَا يَطْلُبُ أَنْ يَاخُذَهُ، وَذَلِكَ لِكَرَاهِيَةِ أَحَدِهِمَا أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيهِ الآخَرُ، كَمَا يَكْرَهُ المُسْتَبِقَانِ -كُلٌّ مِنْهُمَا- أَنْ يَسْبِقَهُ الآخَرُ. وَالتَّنَافُسُ لَيسَ مَذْمُومًا مُطْلَقًا! بَلْ هُوَ مَحْمُودٌ فِي الخَيرِ، قَالَ تَعَالَى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ} [المُطَفِّفِين: ٢٦] " (٣).

- الحَسَدُ فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى قَدَرِ اللهِ تَعَالَى؛ حَيثُ جَعَلَ اللهُ نِعْمَتَهُ فِيمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا -فِي ظَنِّ الحَاسِدِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ مِنْ ظَنِّ السُّوءِ بِاللهِ تَعَالَى-، وَلَهُ تَعَالَى الحِكْمَةُ فِيمَا قَدَّرَهُ.

وَالوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَفْرَحَ لِأَخِيهِ المُسْلِمِ بِمَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيهِ، وَقَدْ مَرَّ مَعَنَا فِي الحَدِيثِ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وَالحَسَدُ


(١) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى لِابْنِ تَيمِيَّة (١٠/ ١١١).
(٢) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٢٦٢).
(٣) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (١٠/ ١١٣).

<<  <   >  >>