للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذَا عَلَى نَوعَينِ، أَحَدِهِمَا: أَنْ لَا يُمْكِنَهُ إِزَالَةُ الحَسَدِ مِنْ نَفْسِهِ -فَيَكُونُ مَغْلُوبًا عَلَى ذَلِكَ-؛ فَلَا يِاثَمُ بِهِ" (١).

قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " لَيسَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا وَقَدْ خُلِقَ مَعَهُ الحَسَدُ؛ فَمَنْ لَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ إِلَى البَغْي وَالظُّلْمِ لَمْ يَتْبَعْهُ مِنْهُ شَيءٌ" (٢).

قُلْتُ: وَفِي الحَدِيثِ «صَومُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؛ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ» (٣).

٣ - أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ الحَسَدُ، وَيَسْعَى فِي تَنْزِيلِ مَرْتَبَةِ الَّذِي حَسَدَهُ؛ فَهَذَا هُوَ الحَسَدُ المُحَرَّمُ الَّذِي يُؤَاخَذُ عَلَيهِ الإِنْسَانُ.

- قَولُهُ: «وَلَا تَنَاجَشُوا»: النَجَشُ لُغَةً: أَصْلُهُ الخَتْلُ -وَهُوَ الخِدَاعُ- (٤).

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ دَقِيق العَيدِ رَحِمَهُ اللهُ: " وَمِنْهُ قِيلَ لِلصَّائِدِ: نَاجِشٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتِلُ الصَّيدَ، وَيَحْتَالُ لَهُ" (٥).

- المَنْهِيُّ عَنْهُ هُنَا لَهُ حَالَتَانِ:

١ - عَامَّةٌ: وَهِيَ أَنْ يَسْعَى بَعْضُكُم مَعَ بَعْضٍ بِالخِدَاعِ وَالحِيلَةِ وَالمُوَارَبَةِ


(١) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٢٦٢).
(٢) التَّمْهِيدُ لِابْنِ عَبْدِ البَرِّ (٦/ ١٢٤).
(٣) صَحِيحٌ. البَزَّارُ (٢/ ٢٧١) عَنِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٨٠٤).
قَولُهُ: «وَحَرَ الصَّدْرِ»: قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ) (٥/ ١٦٠): "غِشَّهُ وَوَسَاوِسَهُ، وَقِيلَ: الحِقْدَ وَالغَيظَ، وَقِيلَ: العَدَاوَةَ، وَقِيلَ: أَشَدَّ الغَضَبِ".
(٤) لِسَانُ العَرَبِ (١١/ ١٩٩).
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "أَصْلُ النَّجَشِ: الإِثَارَةُ". الفَائِقُ (٣/ ٤٠٧).
(٥) شَرْحُ الأَرْبَعِينَ لِابْنِ دَقِيق العِيد (ص: ١١٧).

<<  <   >  >>