للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الإِكْثَارُ مِنْهَا (١)؛ لِأَنَّهُ يُجَرِّئُ المَرْءَ عَلَى الكَذِبِ فَيَسْتَمْرِئُهُ، وَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُ أَيضًا عُدَّ كَاذِبًا عِنْدَ النَّاسِ! وَالمُسْلِمُ مَامُورٌ بِالاسْتِبْرَاءِ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ.

وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعْرِيضِ بِحَسْبِ القَصْدِ:

١ - إِنْ أَدَّتْ إِلَى بَاطِلٍ؛ فَهِيَ حَرَامٌ، كَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ ظُلْمًا؛ وَالشَّهَادَةِ عِنْدَ القَاضِي؛ وَإِخْفَاءِ عَيبِ البَيعِ وَمَا أَشْبَهَ.

٢ - إِنْ أَدَّتْ إِلَى وَاجِبٍ؛ فَهِيَ وَاجِبَةٌ.

قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: " أَمَّا دَفْعُ الظُّلْمِ؛ فَمِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيرِهِ، مِثَالُ ذَلِكَ: دَخَلَ عَلَيهِ لِصٌّ أَوْ جُنْدِيٌّ ظَالِمٌ يُرِيدُ أَنْ يَاخُذَ مَالَهُ؛ فَقَالَ: افْتَحْ لِيَ هَذَا الصُّنْدُوقَ، قَالَ: وَاللهِ مَا فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ شَيءٌ. المُخَاطَبُ سَوفَ يَظُنُّ أَنَّ الجُمْلَةَ نَفْيٌ؛ فَيَنْصَرِفُ، وَهُوَ يُرِيدُ بِهَا الإِثْبَاتَ! فَهَذِهُ التَّوْرِيَةُ لَا شَكَّ فِي جَوَازِهَا، بَلْ إِذَا كَانَ المَالُ لِلْغَيرِ؛ مِثْلُ أَنْ يَاتِيَ شَخْصٌ وَيَقُولُ: فُلَانٌ؛ عِنْدَكَ لَهُ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَقُولُ: وَاللهِ؛ مَا عِنْدِي لَهُ شَيءٌ -أَعْرِفُ أَنِّي لَو أَقْرَرْتُ لَأَخَذَهَا" (٢).

٣ - إِنْ أَدَّتْ إِلَى مَصْلَحَةٍ أَو حَاجَةٍ؛ فَهِيَ جَائِزَةٌ.

٤ - أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا لَا هَذَا وَلَا هَذَا؛ فَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيهَا، وَالأَقْرَبُ عَدَمُ جَوَازِ الإِكْثَارِ مِنْهَا كَمَا سَلَفَ.


(١) شَرْحُ الأَرْبَعِينَ لِابْنِ عُثَيمِينَ (ص: ٣٥٠).
(٢) تَفْسِيرُ سُورَةِ غَافِر لِابْنِ عُثَيمِين (ص: ٢٤٥).

<<  <   >  >>