للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العُلَمَاءِ يُقَيِّدُونَ هَذِهِ المَسْأَلَةَ بِهِ -أَي: الإِخْلَاصِ- لِكَونِهِ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ، وَيَغْفَلُ عَنْهُ بَعْضُ المُبْتَدِئِينَ وَنَحْوهِم" (١).

- قَولُهُ: «سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَىَ الجَنَّةِ»: التَّسْهِيلُ تَسْهِيلَانِ:

١ - أَنَّ ذَلِكَ العِلْمَ يَكُونُ سَبَبًا مُوصِلًا لَهُ إِلَى الجَنَّةِ.

٢ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُسَهِّلُ طَرِيقَ الجَنَّةِ الحِسِّيَّ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ وَهُوَ الصِّرَاطُ.

- قَولُهُ: «فِي بَيتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ»: هِيَ المَسَاجِدُ.

وَيُلْحَقُ بِالمَسْجِدِ -فِي تَحْصِيلِ هَذِهِ الفَضِيلَةِ- الاجْتِمَاعُ فِي مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَنَحْوِهِمَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى (٢)، وَيَدُلُّ عَلَيهِ لَفْظٌ لِمُسْلِمٍ «لَا يَقْعُدُ قَومٌ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا حَفتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (٣)، فَيَكُونُ القَيدُ فِي الحَدِيثِ الأَوَّلِ قَدْ خَرَجَ عَلَى الغَالِبِ؛ فَلَا يَكُون لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ.

- إِنَّ اجْتِمَاعَ النَّاسِ عَلَى تِلَاوَةِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ:

١ - أَنْ يَقْرَؤُوا جَمِيعًا بِفَمٍ وَاحِدٍ وَصَوتٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ شَكْلَانِ:

أ- عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ: فَلَا بَاسَ بِهِ.

ب- عَلَى سَبِيلِ التَّعَبُّدِ: هُوَ بِدْعَةٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُؤْثَرْ عَنِ الصَّحَابَةِ وَلَا عَنِ التَّابِعِينَ (٤).


(١) شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْنَّوَوِيِّ (١٧/ ٢١).
(٢) شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلْنَّوَوِيِّ (١٧/ ٢٢) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ.
(٣) مُسْلِمٌ (٢٧٠٠).
(٤) وَعَدَّهُ الإِمَامُ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الاعْتِصَامُ) (١/ ٣٥) مِنَ البِدَعِ الإِضَافِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ تَالِيفِهِ لِلكِتَابِ.
وَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: "فَتَارَةً نُسِبْتُ إِلَى القَولِ بِأَنَّ الدُّعَاءَ لَا يَنْفَعُ وِلَا فَائِدَةَ فِيهِ -كَمَا يَعْزِي إِلَيَّ بَعْضُ النَّاسِ- بِسَبَبِ أَنِّي لَمْ أَلْتَزِمِ الدُّعَاءَ بِهَيئَةِ الاجْتِمَاعِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَاةِ حَالَةَ الإِمَامَةِ! وَسَيَاتِي مَا فِي ذَلِكَ مِنَ المُخَالفَةِ لِلسُّنَّةِ وَلِلسَّلَفِ الصَّالَحِ وَالعُلَمَاءِ".

<<  <   >  >>