للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- قَولُهُ: «فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا»: هُوَ عَلَى وُجُوهٍ:

١ - أَنْ يَسْعَى بِأَسْبَابِهَا وَلَكِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا؛ فَهَذَا يُكْتَبُ لَهُ الأَجْرُ كَامِلًا، لِقَولِ اللهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} [النِّسَاء: ١٠٠].

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: " أَي: وَمَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِنِيَّةِ الهِجْرَةِ فَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ؛ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ مِنَ اللهِ ثَوَابُ مَنْ هَاجَرَ" (١).

٢ - أَنْ يَهُمَّ بِالحَسَنَةِ وَيَعْزِمَ عَلَيهَا وَلَكِنَّهُ يَتْرُكُهَا لِحَسَنَةٍ أَفْضَلَ مِنْهَا؛ فَهَذَا يُثَابُ ثَوَابَ الحَسَنَةِ العُلْيَا الَّتِي هِيَ أَكْمَلُ، وَيُثَابُ عَلَى هَمِّهِ الأَوَّلِ لِلحَسَنَةِ الدُّنْيَا، وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ رَجُلًا قَامَ يَومَ الفَتْحِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيتِ المَقْدِسِ رَكْعَتَينِ. قَالَ: «صَلِّ هَا هُنَا». ثُمَّ أَعَادَ عَلَيهِ فَقَالَ: «صَلِّ هَا هُنَا». ثُمَّ أَعَادَ عَلَيهِ فَقَالَ: «شَانُكَ إِذًا» (٢)، فَهَذَا رُغِّبَ بِالانْتِقَالِ مِنْ أَدْنَى إِلَى أَعْلَى؛ فَالأَجْرُ فِيهِ حَتْمًا أَعْلَى.

٣ - أَنْ يَتْرُكَهَا تَكَاسُلًا وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ؛ فَهَذَا يُثَابُ عَلَى نِيَّتِهِ الأُولَى، " مِثْلَ أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَي الضُّحَى؛ فَقَرَعَ عَلَيهِ البَابَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ لَهُ: هَيَّا بِنَا نَتَمَشَّى، فَتَرَكَ الصَّلَاةَ وَذَهَبَ مَعَهُ يَتَمَشَّى، فَهَذَا يُثَابُ عَلَى الهَمِّ الأَوَّلِ" (٣).

- السَّيِّئَةُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَبَبَينِ:

١ - أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا لَيسَتْ بِحَسَنَةٍ؛ فَهِيَ مِنَ السُّوءِ.


(١) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (٢/ ٣٩١).
(٢) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٣٣٠٥). الإِرْوَاء (٩٧٢).
(٣) شَرْحُ الأَرْبَعِينَ لِابْنِ عُثَيمِينَ (ص: ٣٦٩).

<<  <   >  >>