للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - أَنْ يَهُمَّ وَيَعْزِمَ بِالسَّيِّئَةِ بِقَلْبِهِ ثُمَّ يَعْزِفَ عَنْهَا لَا للهِ وَلَا لِلعَجْزِ؛ فَهَذَا لَا لَهُ وَلَا عَلَيهِ.

٤ - أَنْ يَهُمَّ وَيَعْزِمَ بِالسَّيِّئَةِ بِقَلْبِهِ -وَلَمْ يَسْعَ بِأَسْبَابِهَا- لَكِنَّهُ يَعْجَزُ عَنْهَا؛ فَهَذَا تُكْتَبُ عَلَيهِ سَيِّئَةً، لَكِنْ لَيسَ كَعَامِلِ السَّيِّئَةِ، وَإِنَّمَا يُكْتَبُ عَلَيهِ وِزْرُ نِيَّتِهِ، كَمَا فِي الحَدِيثِ «إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ (١)، عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَو أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ؛ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ؛ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ. وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا؛ فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا؛ فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَو أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ» (٢) (٣).

٥ - أَنْ يَهُمَّ بِالسَّيِّئَةِ وَيَسْعَى فِي الحُصُولِ عَلَيهَا وَلَكِنْ يَعْجَزُ عَنْهَا؛ فَهَذَا يُكْتَبُ عَلَيهِ وِزْرُ السَّيِّئَةِ كَامِلًا، كَمَا فِي الحَدِيثِ «إِذَا تَوَاجَهَ المُسْلِمَانِ بِسَيفَيهِمَا؛ فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَذَا القَاتِلُ؛ فَمَا بَالُ المَقْتُولِ؟


(١) «أَي: إِنَّمَا حَالُ أَهْلِهَا حَالُ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ». تُحْفَةُ الأَحْوَذِيِّ (٦/ ٥٠٧).
(٢) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٣٢٥) عَنْ أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيِّ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٠٢٤).
(٣) قُلْتُ: هَذِهِ المَسْأَلَةُ غَيرُ مُسَلَّمٍ بِهَا، فَهِيَ مُعَارَضَةٌ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثتْ بِهِ أنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَو تَعْمَلْ بِهِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٢٦٩)، وَمُسْلِمٌ (١٢٧).
وَأَمَّا الحَدِيثُ الَّذِي اسْتُدِلَّ بِهِ فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِالكَلَامِ، فَهُوَ مُطَابِقٌ لِهَذَا الحَدِيثِ، عَدَا عَنِ المُخَالَفَةِ الصَّرِيحَةِ لِحَدِيث البَابِ، فَنَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ أَيضًا لَا لَهُ وَلَا عَلَيهِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>