للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ القَصَصِ: " كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البَقَرَة: ٢٦١] بِحَسْبِ حَالِ العَامِلِ وَعَمَلِهِ، وَنَفْعِهِ وَمَحَلِّهِ وَمَكَانِهِ" (١)، وَهُنَاكَ وُجُوهٌ أُخْرَى فِي المُفَاضَلَةِ تَظْهَرُ لِلمُتَأَمِّلِ وَمُتَدَبِّرِ الأَدِلَّة.

- قَولُهُ: «كَتَبَها اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً»: صَرِيحٌ فِي أَنَّ السَّيِّئَاتِ لَا تَتَضَاعَفُ، وَلَكِنَّ السَّيِّئةَ قَدْ تَعْظُمُ أَحْيَانًا.

وَالقَولُ بِالمُضَاعَفَةِ يُمْكِنُ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ أَوجُهِ الإِسَاءَةِ فِي المَعْصِيَةِ الوَاحِدَةِ.

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَقَدْ تُضَاعَفُ السَّيِّئَاتُ بِشَرَفِ فَاعلِهَا، وَقُوَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِاللهِ، وَقُرْبِهِ مِنْهُ، وَلِهَذَا تَوَعَّدَ اللهُ خَاصَّةَ عِبَادِهِ عَلَى المَعْصِيَةِ بِمُضَاعَفَةِ الجَزَاءِ -وَإِنْ كَانَ قَدْ عَصَمَهُم مَنْهَا- لِيُبَيِّنَ لَهُم فَضْلَهُ عَلَيهِم بِعِصْمَتِهِم مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَولا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيهِمْ شَيئًا قَلِيلًا إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ} [الإِسْرَاء: ٧٤، ٧٥]، وَقَالَ تَعَالَى أَيضًا: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَاتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ للهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَينِ} [الأَحْزَاب: ٣٠، ٣١]، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَينِ يَتَأَوَّلُ في آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَني هَاشِمٍ مِثْلَ ذَلِكَ لِقُرْبِهِم مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ" (٢).

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: " وَالجُمْهُورُ عَلَى التَّعْمِيمِ في الأَزْمِنَةِ


(١) تَفْسِيرُ السَّعْدِيِّ (ص: ٦٢٥).
(٢) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٣١٨).

<<  <   >  >>