للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حُدُودَهُ!.

وَسُئِلَ رُوَيْمٌ (١) عَنِ الْمَحَبَّةِ؛ فَقَالَ: الْمُوَافَقَةُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَأَنْشَدَ:

وَلَوْ قُلْتَ لِي مُتْ مُتُّ سَمْعًا وَطَاعَةً … وَقُلْتُ لِدَاعِي الْمَوْتِ أَهْلًا وَمَرْحَبًا

وَلِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ:

تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تَزْعُمُ حُبَّهُ … هَذَا لَعَمْرِي فِي الْقِيَاسِ شَنِيعُ

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ … إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ

فَجَمِيعُ المَعَاصِي تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيمِ هَوَى النُّفُوسِ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ المُشْرِكِينَ بِاتِّبَاعِ الهَوَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللهِ} [القَصَص: ٦٤]، وَكَذَلِكَ البِدَعُ؛ إِنَّمَا تَنْشَأُ مِنْ تَقْدِيمِ الهَوَى عَلَى الشَّرْعِ، وَلِهَذَا يُسَمَّى أَهْلُهَا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، وَكَذَلِكَ المَعَاصِي؛ إِنَّمَا تَقَعُ مِنْ تَقْدِيمِ الهَوَى عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ اللهُ" (٢).

- قَولُهُ: «حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ»: الهَوَى بِالقَصْرِ هُوَ: المَيلُ، وَبِالمَدِّ هُوَ: الرِّيحُ، وَالمُرَادُ الأَوَّلُ.


(١) "رُوَيْمُ بْنُ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُوَيْمَ بْنَ يَزِيدَ، أَبُو الحَسَنِ الصُّوفِيُّ البَغْدَادِيُّ، "المُتَوَفَّى: ٣٠٣ هـ"، كَانَ عَالِمًا بِالقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ، وَكَانَ ظَاهِرِيَّ المَذْهَبِ". تَارِيخُ الإِسْلَامِ لِلْذَهَبِيِّ (٧/ ٦٧).
(٢) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٣٩٧).

<<  <   >  >>